الشروط الأساسية للرشد

الرشد حسب النص القرآني، بعد تأمُّل السياق، والتفكُّر في المقدمات، والتدبر في الخواتم، له شروط واضحة بينة، إذا توفَّرت اكتمل بدوُّه، وإذا اختلَّت، أو اختلَّ جزء منها، انهار بناء الرشد كلية، ومن هذه القواعد:

  • أنَّ ثمة رشدا شاملا لكلِّ مناحي الحياة، ورشدا جزئيا لمجال معيَّن دون آخر، فالراشد -مثلا- في إدارة المال، قد لا يكون راشدا في بناء أسرة، أو في الانضباط أمام الشهوات.
  • أنَّ الرشد الشامل هو منتهى الديانات، ومبلغ الرسالات، فالإسلام رشد كله، والرشد جميعه من روح الإسلام ومن طينته، وبهذا نفهم قوله تعالى على لسان الجن: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾(الجن:1-2).
  • أنَّ الله تعالى هو الذي يهب الرشد لكلِّ من اتخذ أسبابه، فالذي يتخذ الأسباب ليكون راشدا في التطور المادي -مثلا- يوهب ثمرة رشده، ويبلُغ مبتغاه، ما دام قد اتخذ لذلك أسبابه ﴿كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾(الإسراء:20).
  • أنَّ الرشد منه فرديٌّ ومنه جماعيٌّ، منه نفسيٌّ ومنه اجتماعيٌّ، منه مدنيٌّ ومنه حضاريٌّ... ولا بدَّ من التمييز بين كلِّ نوع، حتى لا نقع في الخلط والخطأ.
  • الرشد لا يكون إلا بالصبر، ولا يأتي إلا بعد الصبر والمصابرة...
  • الرشد يأتي باتخاذ الأسباب بعد إدراكها، وبالولوج إلى البواطن، وعدم الاختصار على الظواهر.
  • الرشد يهيئه الله لعباده بعد أن يستنفدوا كلَّ الوسائل، ويجتهدوا الاجتهاد كلَّه، ويجاهدوا الجهاد جميعَه... فهو ثمرة لجهد، وليس كلأ مباحا للكسالى والمتلكئين.