حياة القلب

في كتابه التلال الزمرديه لكاتب تركيا الكبير محمد فتح الله كولن،‏ يرسم المولف في كتابه طريق ارتقاء القلب الإنساني في معارك المعرفه الإلهيه التي هي أرقي معارف الإنسان، وكل معرفه دونها مدينه لها وظل من ظلالها وأثر من آثارها.‏

والتصوف برغم كونه تجارب نفوس ومعاناة أرواح يضنيها الشوق إلى الله قد تحول إلى علم له أصوله وقواعده ومصطلحاته وتجاربه‏.‏

ويبدا التصوف بالتوبه.. والتوبه هي التوجه إلى الله تعالى مع الاعتراف بالأخطاء، وتجرع غصص الندم، والعزم على تلافي ما فات.. وهذا أول مقام للسالك.

يقول الرسول في حديثه الشريف‏: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له".. وسئل رسول الله صلي الله عليه وسلم "ما علامه التوبة؟"، قال: "الندم"..

بعد التوبه يتحدث الكاتب عن المحاسبه والتفكر. والمحاسبه كالقنديل في العالم الداخلي للمومن،‏ وكالناصح الأمين في وجدانه،‏ يميز بها الخير عن الشر،‏ والحسن عن القبح، وما يحبه الله وما يغضبه.. بعد ذلك يحدثنا الله تبارك وتعالى عن التفكّر.. قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ (آلِ عِمْرَان:191).

يتحدث محمد فتح الله كولن بعد ذلك عن الفرار إلى الله، وهو فرار أَمر به الحق سبحانه في قوله تعالي: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾(الذَّارِيَات:50). وفرار العوام هو الاحتماء من ظلال المعصيه في رحاب الأنس بالله، أما فرار الخواص فهولاء دعوتهم تقول: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك". أما فرار أخص الخواص فيقولون في دعوتهم: "اللهم إني أعوذ بك منك، لا نُحصي ثناءً عليك، أنت سبحانك كما أثنيت على نفسك".

الكتاب رحلة روحية في الطريق إلى الله، وهي رحله تهيمن عليها كلمه أبو سعيد الخراز التي يقول فيها: "كل ما فاتك من الله سوي الله يسير، وكل حظ لك من الله سوي الله قليل"‏.‏

المصدر: جريدة الأهرام المصرية، 20 يوليو 2005.