فتح الله كولن إسلام.. بطعم الحكمة

من هو الأستاذ « فتح الله كولن»؟

فتح الله كولن أحد أشهر علماء الإسلام المصلحين ودعاته المعاصرين على مستوى العالم..احتل المرتبة الأولى في قائمة أهم مائة عالم في الاستطلاع الذي أجرته سنة 2008 مجلة (فورين بوليسي) وهي مجلة أكاديمية أمريكية ذائعة الصيت – ومجلة (بروسبيكت) البريطانية المشهورة

وقد أنشأت له عدة جامعات في الولايات المتحدة, وإندونيسيا, وأستراليا, أقساماً خاصة باسمه (كرسي أكاديمي) ومراكز علمية متخصصة, وانعقدت مؤتمرات وندوات دولية عديدة في جامعات عالمية لدراسة أطروحاته ونظرياته الدعوية والفلسفية والإصلاحية والتربوية.

بدأ الأستاذ فتح الله كولن نشاطه الدعوي والتربوي في عدة مدن بغرب تركيا بداية الستينيات من القرن الماضي, وواظب على أداء رسالته بصبر وجدية منذ ذلك الحين إلى اليوم حفظ القرآن الكريم وتعلم العربية والفارسية على يد والده (رامز أفندي) في سن مبكر, وتلقى عن علماء المنطقة التي نشأ فيها علوم الفقه والتفسير والحديث والنحو والبلاغة والأصول ومقارنة الأديان وقرأ في مختلف مجالات العلم والمعرفة فيما بعد, ودرس أعلام الفكر الإسلامي المعاصر وأمعن في قراءة منظري الإصلاح في القرون الأخيرة, وتابع التيارات الإصلاحية التي ظهرت في شتى البلدان الإسلامية, واستوعب النظريات الغربية الفلسفية والاجتماعية والعلمية والسياسية والأدبية الحديثة.

المجتمع التركي والمجتمعات الإسلامية

أدرك فتح الله كولن في وقت مبكر أن المجتمع التركي, ومجتمعات العالم الإسلامي عامة تعاني من ثلاث علل كبرى هي: الجهل, والفقر, والتفرق, فنذر نفسه للدعوة إلى العلم والعمل لتفعيل مشروع تربوي متكامل, وحث الأثرياء على التضامن الاجتماعي ومساعدة الفقراء والاستثمار في مجالي التربية والتعليم, واتخاذ التواصل والحوار البناء سبيلاً لحل الخلافات المستشرية, وتأسيس ثقافة التعايش, ونشر السلام على كل المستويات المحلية والإقليمية والعالمية, وقد انتشرت أفكاره وأحلامه في كل الطبقات الاجتماعية, وكثر محبوه في مختلف أنحاء العالم, وقد أكد دوماً أن مكمن المشكلة هو الإنسان, ومالم نعد صياغة الإنسان صياغة صالحة فلن يتأتى لنا حل مشكلاتنا المستعصية, ومن ثم سعى طيلة حياته على أن يخرج نموذج الإنسان المسلم المثالي المتمسك بجذوره الروحية, المنفتح على ثقافات العالم ومتطلبات العصر, الموفق بين العقل والقلب والسلوك, الواقف نفسه لخدمة الإنسانية كسباً لمرضاة الله تعالى, ايماناً منه بأن هذه هي رسالة الإسلام الحقيقية والسبيل التي سار عليها كافة الأنبياء ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين لذا تميزت كافة المشاريع التي حث على انجازها ببعدها الإنساني الشامل حيث حرصت على خدمة الإنسان من حيث هو انسان, دون تمييز بين عرق أو لغة أودين أو ثقافة.

ومن ثم فإلى جانب أعمال الإغاثة الإنسانية للمنكوبين وضحايا الحروب, فقد غطت خدمات مؤسسات محبيه القارات الخمس, ولاسيما في مجال التربية والتعليم, حيث تميزت المدارس بالجودة العالية والتناغم بين معطيات العلوم والقيم الأخلاقية, مما جعلها تتبوأ المراتب الأولى وتحقق النجاح الباهر أينما فتحت في العالم, ويتنافس عليها النخبة والعامة ليسجلوا فيها أبناءهم.

فهناك المؤسسات التعليمية (حوالي أكثر من 1000 مدرسة خاصة, وعدد من الجامعات, ومئات المدن الجامعية, وبيوت الطلبة) وهناك المؤسسات الإعلامية (صحف – ومجلات – ومحطات إذاعية – وفضائيات تبث بعدة لغات, وهي قنوات: ثقافية  - اخبارية – اجتماعية – للأطفال) إلى جانب مؤسسات العاج والمشافي الصحية, وعدد من أكبر دور النشر في تركيا وخارجها, وجمعيات ومنتديات لرجال الأعمال والتجار, وهناك عشرات المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت, تبث بـ22 لغة, وتنشر مقالاته ومؤلفاته وأخباره (www.fguien.com).

الإمام والواعظ

فتح الله كولن إسلام.. بطعم الحكمة ولد فتح الله كولن في 11 نوفمبر 1938م لأسرة معروفة بالتدين والصلاح في قرية (كوروجك) بمحافظة (أرضروم) شمال شرق هضبة الأناضول التركية, ويشتهر أهل الأناضول عامة, وأرضروم خاصة بالتدين وحب الإسلام منذ دخولهم فيه على عهد عثمان ابن عفان رضي الله عنه, تلقى فتح الله كولن دروسه الأولى في حفظ القران الكريم وهو في الرابعة من عمره على يد والدته (رفيعة هانم) التي عرفت بأخلاقها الحسنة, وبإيمانها العميق بالله, وعمل الخير, ومساعدة نساء قريتها وأطفالهن في حفظ القرآن وكان بيت والده محط رحال العلماء والصالحين المعروفين في أرضروم, ما أتاح له مجالسة الكبار والاستماع إلى أحاديثهم, فتفتح وعيه, واتسعت مداركه, وتعمقت معارفه في وقت مبكر من حياته.

اشتغل إماماً وهو في العشرين من عمره في جامع (أوج شرفلي) في مدينة (أدرنة) حيث قضى فيها مدة سنتين ونصف في جو من الزهد ورياضة النفس والقراءة والمطالعة العلمية في كافة العلوم الشرعية والكونية والفكرية والأدبية والفلسفية, وانتقل للعمل في مدرسة تحفيظ القرآن بجامع (كستانه بازاري) في مدينة إزميرغربي تركيا, ثم عمل واعظاً متجولاً, فطاف في جميع أنحاء تركيا من شرقها إلى غربها, وفي خطبه ومواعظه كان يخاطب عقول الناس وقلوبهم, ويذكرهم بالماضي المجيد, والحاضر البئيس, ويرسم لهم صور المستقبل المشرق, ويبعث فيهم الأمل, ويغرس في قلوبهم الإيمان بالله, ويحبب إليهم الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام, ويحثهم على التأسي به صلى الله عليه وسلم وصحابته الأجلاء, ويدعوهم إلى التفاني والإيثار والعمل المجتمعي التربوي الحكيم بجدية واخلاص وتفان وإتقان, ويلهب فيهم أنفاس العاطفة الرشيدة, ويستحث فيهم روح العمل والإنجاز لكي يقدموا –كمسلمين- إضافات نوعية لأمتهم والحضارة الإنسانية كافة, كل ذلك وسط دموع ساخنة يذرفها في كافة دروسه ومواعظه, فيبكي ويبكي.. فكان الواعظ البكاء, وكان محبوه من البكائين كذلك, وكان البكاء ماء الحياة الذي يجري سلسبيلاً في كافة الأعمال والخدمات.

هموم الأمة والإنسانية

لقد جاب فتح الله كولن كافة أراضي تركيا, متنقلاً بين مدنها وقراها, والتقى الناس على كافة المستويات, ولم يفتاً يتحدث عن هموم الأمة والإنسانية, ويطرح لها حلولاً, وينشر ثقافة إنتاج الحل بدلاً من النقد والتشكي, ويحث أصحاب الحمية والهمة على الاضطلاع بمسؤولياتهم الضخمة التي تنتظرهم, ويدعو إلى العمل الايجابي دون كلل أو ملل, والإيمان العميق الرباني , والخدمة الهادئة الحكيمة, ونشدان معية رب العباد من خلال التواجد الفعال وسط العباد والحركة الدؤوبة في كل مجالات الحياة, والصبر والمصابرة على بناء مشاريع طويلة النفس, وتجنب استنفاد الطاقات في نقاش وصراع وصدام لاطائل من ورائه, والسعي الحثيث لامتلاك القلوب دون تمييز, والحرص على زرع الإيمان في النفوس ليفعل الايمان فعله الإصلاحي الإنشائي العميق وقد أكد دائماً أن مسؤولية المسلم مسؤولية كونية, وأن صلاح العالم بصلاح الفرد, وأن التغيير يبدأ من الإنسان, وأنك إذا نجحت في تغيير الإنسان فقد غيرت الدنيا كلها, وإذا استطعت أن تصنع الإنسان فقد صنعت الحياة والحضارة برمتها وحققت العمران.

محاضرات في المنتديات العامة

فانطلاقا ًمن هذا الإطار الفكري والعملي, ألقى الاستاذ فتح الله كولن آلاف المحاضرات العلمية والدينية والاجتماعية والفلسفية والفكرية في المنتديات العامة, وعقد آلافاً من اللقاءات وحلقات الدرس الخاصة التي أجاب فيها على الأسئلة الحائرة التي كانت تجول في أذهان الناس, وتؤرق الشباب خاصة, ولايعرفون لها أي جواب, وكانت حيرتهم تلقي بهم في مهالك الشبهة والإلحاد, ومنها الأسئلة المتعلقة بنظرية دارون, وحقيقة الروح, والقضاء والقدر إلخ.. وكانت أجوبته على مثل هذه الاسئلة بلسماً شافياً لعقول الشباب وقلوبهم وجمهور الناس, مما جعلهم يحبونه ويلتفون حوله ويطلبون إرشاداته, فكان يستثمر هذه المحبة وذلك الإقبال في حث أصحاب الحمية على إنشاء مؤسسات تربوية تعليمية... إذ كان يرى أن السبيل الأوحد والأنجع لصناعة إنساننا من جديد, واصلاح مجتمعاتنا, وتأهيلها للقيام بدورها التاريخي المنشود على مستوى العالم, إنما يمر عبر تكثيف الجهود في مجال التربية والتعليم, أي مجال صناعة الرجال, وإذا استطعنا أن نكون نماذجنا البشرية والمؤسساتية الحية على أرض الواقع لتراها العيون وتعايشها الأرواح, فسوف تنبعث الثقة في النفوس, والاطمئنان في القلوب, والراحة في العقول, وكان يقول باكياً:( إن العالم في أمس الحاجة إلى الإسلام اليوم, والإسلام في أمس الحاجة إلى من يمثله بحق) مضيفاً (الآذان شبعت والعيون جائعة) في إشارة إلى أن الوقت وقت العمل, كل هذه الأفكار, والعمل الدؤوب المخلص جعل الأستاذ فتح الله كولن يفوز بقلوب كثيرين من أبناء تركيا, ويحتل مكانة الثقة لدى المجتمع التركي بكافة طبقاته.

فكرة الحوار

لقد أتاحت للأستاذ فتح الله كولن ثقافته الواسعة, وتبحره في علوم الدين وعلوم العصر, أن يخاطب مختلف الشرائح الاجتماعية في تركيا, بما في ذلك المثقفون وأصحاب التيارات الفكرية الحداثية والليبرالية والقومية, وقد استجاب كثيرون منهم لندائه, ودخلوا في حوارات ومراجعات من أجل تصويب آرائهم وتصحيح مساراتهم السابقة وفي هذا المضمار حث في بداية التسعينيات على إنشاء مؤسسة عالمية لغرض التحاور والتفاهم والاحترام المتبادل بين أصحاب تلك التيارات والأفكار المتباينة, لتقريب وجهات النظر, وتجنيب البلاد شر التفرق والعنف والفتنة, فتحقق هذا المشروع بالفعل, انبثقت عنه منتديات للحوار البيني والعالمي, وانعقدت مؤتمرات عالمية مهمة, مما شكل منعطفاً تاريخياً في تأسيس السلام والتعايش بين الأطياف المتناقضة, في زمن عملت فيه بعض الأوساط على تفتيت المجتمع التركي استغلالاً للخلافات الفكرية والطائفية والثقافية والدينية.. اهتم الأستاذ فتح الله كولن بفكرة الحوار والتواصل والتفاهم بين التيارات الفكرية المختلفة على المستوى المحلي داخل تركيا , وعلى المستوى الإقليمي والدولي بين أتباع الديانات وأبناء الحضارات والثقافات المتعددة, ودعا إلى نهج التعارف والاحترام المتبادل والتسامح والتعايش ونبذ التعصب وإدانة العنف وعرف في تركيا وفي العالم بداعية الحوار والتسامح والتوافق ولقيت دعوته هذه صدى إيجابياً واسعاً في تركيا وخارجها, ووصلت إلى ذروتها في الاجتماع الذي تم عقده في الفاتيكان مع البابا.

يرى فتح الله كولن أن العالم أصبح – بعد تقدم وسائل الاتصالات – قرية صغيرة, ولهذا فإن أي حركة قائمة على الخصومة والعداء لن تؤدي إلى أي نتيجة ايجابية, وأنه يجب الانفتاح على الإنسانية بأسره, وإبلاغ العالم كله بأن الإسلام دين الرحمة, ويدعو إلى الاخوة بين بني البشر, وأن المسلم لايمكن أن يكون إرهابيا وأن الإرهاب لايمكن أن يكون مسلماً وقد ذكر مراراً وتكرارا أن هناك مجالات واسعة للتعاون والتعاضد بين المسلمين وبين أبناء الإديان والثقافات الاخرى لتأسيس سلام واستقرار على مستوى العالم.

للإستاذ فتح الله كولن أكثر من خمسة وستين كتاباً تناول فيها القضايا الكبرى في الفكر الإسلامي ومشكلات العصر, بعض كتبه مترجم من التركية إلى 35 لغة أخرى منها العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والإسبانية وغيرها من اللغات الحية وله آلاف الخطب والمحاضرات والمواعظ المسجلة, اضافة إلى مئات المقالات المنشورة في المجلات والصحف داخل تركيا وخارجها, وله ديوان شعر بعنوان (المضرب المكسور).

http://www.algomhoriah.net/atach.php?id=30321

Pin It
  • تم الإنشاء في
جميع الحقوق محفوظة موقع فتح الله كولن © 2024.
fgulen.com، هو الموقع الرسمي للأستاذ فتح الله كولن.