الأخلاق

هناك فرق بين أن تكون عالماً وبين أن تكون إنساناً. فبنسبة استعمال العالم لعلمه في خدمة الإنسانية وبنسبة تمثيله لعلمه بخلقه وفضيلته يتخلص من كونه مجرد حمال علم ويرقى إلى مستوى الإنسان الفاضل، وإلاّ فهو شخص مسكين أضاع عمره فيما لا ينفع. فالأخلاق والفضيلة هي التي تحول المعدن الصديء للجهل إلى معدن ثمين ومفيد كالذهب.

إياك أن تخدع أحداً حتى وإن تعرضت أنت للخداع. ومع أن الوفاء والاستقامة تجلبان في بعض الأحيان مصاعب وخسائر لصاحبهما، إلاّ أنهما خصلتان ساميتان إياك أن تبتعد عنهما.

لم يعد مفهوم الأخلاق في هذه الأيام كما كان القدماء يفهمونه في السابق كمجموعة فضائل. فإنسان اليوم يراها في الأغلب كمجموعة من الذوق والتربية الاجتماعية واللباقة. ويا ليتنا كنا نشاهدها عند الجميع حتى ضمن هذا الإطار.

تحتوي الأخلاق التي لها علاقة بتصرفات الإنسان على بعض الدساتير العالية، وتنبع جميعها من سمو الروح. لذا نستطيع أن نقول بناءً على هذا إن الذين لم يمتزجوا مع أرواحهم ولم يقتربوا منها لا يستطيعون تطبيق القواعد الأخلاقية مدة طويلة.

قالوا في السابق: "لقد بقيت الأخلاق في طيات الكتب". أما الآن فيقولون: "بقيت في طيات الكتب القديمة". وحتى لو كان هذا صحيحاً فكم من جديد يستحق أن نضحي به في سبيل هذا الشيء الغالي الذي يريدون إبقاءه في الماضي.

تضحية الإنسان بمصالحه ومنافعه من أجل مصلحة ومنفعة الآخرين سمو في الروح وشهامة خلق. والذين يفعلون الخير على الدوام دون انتظار أي أمر أو منفعة سيذهلون عندما يلتقون وجها لوجه مع كل فعل خير أو نية صالحة في موقف لم يكونوا يتوقعونه أبداً. وعنده ينعقد لسانهم فلا يعرفون كيف يشكرون.

Pin It
  • تم الإنشاء في
جميع الحقوق محفوظة موقع فتح الله كولن © 2024.
fgulen.com، هو الموقع الرسمي للأستاذ فتح الله كولن.