حول العلم
الابتعاد عن العلوم الوضعية بحجة أنها تؤدي إلى الإلحاد تصرف صبياني. أما النظر إليها وكأنها تعادي الدين وأنها وسيلة للإلحاد وطريق إليه فهو حكم مسبق وجهل مطبق.
العلوم مفيدة لنا بدرجة قيامها بتأمين سعادتنا والارتفاع بنا إلى المستوى الإنساني اللائق. أما إن أصبحت العلوم والتكنولوجيا الكابوس المرعب لبني الإنسان فليست إلاّ شيطاناً رجيماً تقطع علينا أمامنا الطريق.
لقد قال عالم العصر[1] للماديين القصيري النظر الذين حاولوا تأليه العلم في بداية عصرنا الحالي: "العلم دون دين أعمى، والدين دون علم أعرج". وهكذا انتقد هذا العالم الهذيان المرعب الذي ساد عصراً كاملاً انتقاداً لطيفاً. ولا أدري ماذا كان سيقول لو شاهد من هو أعمى وأعرج في الوقت نفسه من بعض معاصرينا الحاليين.
ردّ جميع العلوم الوضعية والادعـاء بأنها بأجمعها لا تسـاوي شيئاً أنموذج للجهل وللتعصب. أمـا رد كل شـيء خـارج هذه العلوم فسذاجة وتعصب أحمق. أما الإدراك بأن كل معرفة جديدة تأتي بأكوام من المجاهيل والأسـئلة فهو الإدراك اللائق بالتفكير العلمي الصحيح.
العلم والتكنولوجيا في خدمة الإنسان وليس هناك من مبرر جدي للخوف منهما، لأن الخطر لا يكمن في العلم ولا في تنظيم الدنيا حسب مقتضى العلم، بل يكمن الخطر في الجهل وعدم الإحساس والتهرب من تحمل المسؤولية.
الهوامش
[1] المقصود هو العالم ألبرت أنشتاين صاحب النظرية النسبية العامة والخاصة. (المترجم)
- تم الإنشاء في