الباب الأول: الغاية من إرسال الأنبياء

إن الأنبياء والرسل رغم وجود فروق بينهم من ناحية المراتب والدرجات إلا أنهم يشتركون في شيء واحد وهو أنهم أناس مختارون مصطفون تجلت عليهم ذات الله سبحانه وتعالى وربّاهم وأدبهم وفضلهم على العالمين، وجعل قلوبهم مقتصرة عليه لا تحوم حول أحد غيره.

ومثل جميع الأنبياء والمرسلين اقتصر نظر نبينا صلى الله عليه وسلم -وبدرجة أكبر- على ربه سبحانه وتعالى فلم ير شيئاً غيره، ولم يستطع أحد دون الله أن يستميل نظره إليه وأن يصرف وجهه إليه أو يحوّل نظره عنه، فهو منذ فتَح عينيه على الدنيا رأى ربه، وعندما أغمض عينيه الإغماضة الأخيرة قال: «اللّّهم الرفيق الأعلى....»

لنسمع هذا من أمنا عائشة رضي الله عنها:

إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفُث على نفسه في مرضه الذي قُبض فيه بالمعوِّذات، فلما ثقل كنت أنا أنفث عليه بهنّ فأمسح بيد نفسه لبركتها. فلما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقل أخذت بيده لأصنع به نحو ما كان يصنع فانتزع يده من يدي ثم قال: «اللّهم اغفر لي واجعلني مع الرفيق الأعلى.»[1]

فمن الواضح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرغب بالرفيق الدنيوي بل بالرفيق الحقيقي، وهو ربه، وكان يرغب في الوصول إليه في بُعد آخر. إذن، فما السبب في مجيء هؤلاء الأنبياء والمرسلين -ولاسيما رسولنا صلى الله عليه وسلم- إلى الدنيا وهم الذين عاشوا من لحظة مجيئهم إلى الدنيا حتى وداعهم وفراقهم لها هذا الطراز من العيش؟ ولتحقيق أي غاية وهدف أرسلوا؟ إن فحص وتحليل هذا الموضوع مهم جداًّ وذلك لسببين رئيسين:

الأول: لكي يتم فهم ومعرفة مدى سمو مرتبة النبوة وتجنّب الظن بأنهم كانوا أناساً عاديين، وتهيئة الرد على من يظن ذلك.

الثاني: الإشارة إلى الطريق الواجب سلوكها للذين يمثلون وظيفة الأنبياء وإلى النظام الذي يجب أن يتبعوه في هذا الموضوع.

ولا يفقد هذا الموضوع أهميته مهما تغيرت زاوية النظر إلى هذه المسألة، لذا فسنقوم بإيراد رأينا في هذا الموضوع بشكل نقاط لم نرتبها حسب أهميتها.

أ . العبودية

تلتقي الغاية التي من أجلها أرسل الأنبياء والرسل مع غاية خلق الإنسان، ألا وهي العبودية لله سبحانه وتعالى، والقرآن الكريم يشير إلى هذه الغاية فيقول: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَاْلإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونَ﴾ (الذاريات: 56).

إذن، فإن الغاية الأساسية من خلقنا والهدف الرئيسي له هو معرفة الله سبحانه وتعالى وإيفاء وظيفة العبودية له بشكلها الصحيح واللائق. وليس اقتناء الأموال والأملاك والقصور، أو الأكل والشرب والتمتع بلذائذ الدنيا. صحيح أن هذه الأمور حاجات فطرية إلا أنها لا تشكل غاية لخلقنا.

وما جاء الأنبياء والرسل إلا لكي يَدلّونا على هذه الغاية ويرشدوا إلى هذا الطريق. والقرآن الكريم يشير إلى هذا فيقول: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ اِلٰهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ (الأنبياء: 25).

ويقول في آية أخرى: ﴿وَلَقَد بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُم مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي اْلأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ (النحل: 36). وهذه الآية تشير بوضوح إلى أن سبب إرسال الرسل هو تجنب عبادة الأصنام والأوثان، وإرشاد الناس إلى عبادة الله تعالى، وجعل أنفسهم قدوة حسنة ومثلاً يُحتذى في هذا الأمر.

أما وضع رسولنا صلى الله عليه وسلم فمختلف، فهو إضافة إلى كونه مرسلاً رحمة للعالمين إلا أنه كان مكلّفا في الوقت نفسه بدعوة الإنس والجن إلى عبودية الله تعالى، إذ يروى عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بِتُّ الليلة أقرأ على الجن ربُعاً بالحَجُون[2][3]

وبعد أن بلّغ الرسول صلى الله عليه وسلم رسالته إلى الإنس والجن علم أن مهمته في الحياة قد انتهت وأنه آن الأوان إلى أن يرجع إلى الرفيق الأعلى؛ لذا، نجده يقول في آخر خطبة له يقول: "إن عبدا خيره الله بين أن يختار من زهرة الدنيا ما يشاء أو أن يختار ما عند الله فاختار ما عند الله." فذلك العبد المخير هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.[4]

ب . التبليغ

الغاية الأخرى من إرسال الأنبياء والمرسلين هو القيام بالتبليغ الديني. فلو لم يأتوا لما عرفنا المسائل المتعلقة بالعبادة، ولما وصلتْنا الأوامر والنواهي ولما عرفنا واجباتنا وما فُرض علينا. أي لما عرفنا معنى الصلاة والصيام والزكاة والحج. ولما عرفنا أبداً موقفنا من المحرمات كالخمر والـمَيْسِر والزنا والاحتكار والربا. فنحن لم نعرف هذه الأمور وأشباهها إلا بوساطة الأنبياء، ونحن نسمي هذا الأمر بإيجاز ”وظيفة الرسالة“ حيث جاء الرسل والأنبياء جميعاً بالرسالة نفسها مع اختلاف في الفروع والتفاصيل وبلّغوا الشيء نفسه في الأمور الأساسية.[5]

ويوضح القرآن الكريم الغاية العامة للأنبياء والرسل والوظيفة العامة لهم فيقول: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً﴾ (الأحزاب: 39).

إذن، فقد جاءوا لتحقيق هذه الغاية، وما كان يهمهم أبداً ولا يؤثر فيهم أبداً نوع العقبات المنتصبة أمامهم ولا الأشخاص الواقفون تجاههم، إذ ما كانوا يعرفون الخوف، فخوفهم وخشيتهم كانت من الله تعالى وحده.

وفي هذا المجال يخاطب الوحي رسولنا صلى الله عليه وسلم فيقول:

﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَل فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ (المائدة: 67).

أي إنك إن قصّرت في وظيفتك التي هي وظيفة تبليغ الرسالة فإن هذا القصور لن يعدّ قصوراً متعلقاً بحياتك الشخصية والفردية، بل هو موضوع متعلق بالحياة الفردية والاجتماعية لكل الناس، ذلك لأن وظيفتك هي تنوير طريق الإنسانية كلها، فلو قصرت في إيفاء وظيفتك هذه حَقَّهَا لبقيتْ البشرية جمعاء في الظلام. وفي الحقيقة فإن الرسول الكريم كان على يقين بمدى أهمية رسالته، ولولا ذلك لما أُرسل بهذه المهمة ولما قُدّرت له هذه الوظيفة. بعد أن كُلّف رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه المهمة المقدسة قضى حياته كلها في سبيل تبليغ الدين، فبدأ بطَرْق كل باب وبالبحث عمن يتوسم فيه قبول دعوته.

كان ردُّ فعلِ الجبهة المعارضة هو إبداء اللامبالاة وعدم الاهتمام والمقاطعة في بداية الأمر، ثم انقلب إلى الاستهزاء والسخرية، وفي المرحلة الأخيرة تحول إلى استعمال القوة والعنف وتطبيق صنوف التعذيب، إذ بدأوا بإلقاء الأشواك في طريقه، ووضع الروْث على رأسه عندما يقف للصلاة... الخ من ألوان الإهانة والتحقير. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يهن ولم ييأس ولم تفتر عزيمته، ذلك لأن مهمته هذه كانت سبب مجيئه للدنيا وهدفاً لهَا. فدعا الجميع -ومنهم أعداؤه الألداء- مرات عديدة وبلغهم الرسالة الإلهية. أجل، فمن يدري كم من مرة ذهب إلى أعداء الله وأعداء الدين مثل أبي جهل وأبي لهب وعرض عليهم الهدى والحق، فكان يتجول في الأسواق ويزور الناس في خيامهم خيمة خيمة لعله يكون وسيلة لهداية أحدهم... ولكن الأبواب كلها كانت توصَد في وجهه، ومع ذلك يذهب ويطرق الأبواب نفسها ويكرر الكلام نفسه... وعندما قطع الأمل عن مكة ذهب إلى الطائف، وكانت مكان نزهة وبساتين، فقابله أهل الطائف -الذين أبطرتهم النعم وأعماهم الترف- شر مقابلة وفاقوا في ذلك أهل مكة، فاجتمع صبيانهم وسفهاؤهم وأخذوا يقذفونه بالحجارة... أجل، قذفوا بالحجارة فخر العالمين ومن تستحي الملائكة من التطلع إلى وجهه الكريم، وطردوه من الطائف، وكان زيد بن حارثة -ابنه بالتبني آنذاك- معه، ومع أن زيداً حاول أن يحمي بجسده رسول الله من هذه الحجارة المنهمرة عليه، إلا أن الجسد المبارك لرسول الله أصابته الحجارة وأدْمته.

التجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الوسط العدائي إلى ظل شجرة في بستان، وظهر جبريل الأمين أمامه قائلاً له إنه مستعد لأن يرفع جبلاً ويقلبه على رؤوس هؤلاء المتوحشين، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبل ذلك مع أنه كان في غاية التأثر، ذلك لأنه في المستقبل البعيد قد يؤمن أحدهم، لذا قال لجبريل «لا.»

ثم فتح يديه ودعا ربه:

«اللّهم إليك أشكو ضَعْفَ قُوَّتي وَقِلّة حِيلتي وهَواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستَضعفين وأنت ربي إلى من تَكِلني؟ إلى بعيد يَتجهّمني أم إلى عدوّ ملّكتَه أمري. إن لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا أبالي، ولكن عافيتَك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقتْ له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنزل بي غضبَك أو يحلّ عليّ سخطُك. لك العُتْبَى حتى تَرضى ولا حول ولا قوة إلا بك.»

”فلما رآه ابنا ربيعة عُتبة وشيبة وما لقي تحركت له رحِمهما، فدعوا غلاماً لهما نصرانيا يقال له عَدّاس وقالا له: خذ قِطفاً من هذا العنب فضعه في هذا الطَبَق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه ففعل عدّاس ثم ذهب به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له: كل. فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فيه قال: «بسم الله» ثم أكل، ثم نظر عدّاس في وجهه ثم قال: والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومِن أهل أيّ بلاد أنت يا عَدّاس، وما دينك؟» قال أنا نصراني وأنا رجل من أهل نِينوى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرية الرجل الصالح يونس بن مَتَّى.» فقال له عدّاس: وما يُدريك ما يونس بن متى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذلك أخي كان نبياًّ وأنا نبيّ» فأكبّ عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل رأسه ويديه وقدميه فقال ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه: أمّا غلامك فقد أفسده عليك. فلما جاء عداس قالا له، ويلك يا عدّاس مالك تقبّل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟ قال: يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا. لقد أخبرني بأمرٍ ما يعلَمه إلا نبي.“ [6]

ولولا هذه الحادثة الأخيرة لعاد صلى الله عليه وسلم محزوناً ومهموماً من الطائف... ليس لِـما قاساه منهم، بل لأنه لم يُعطَ الفرصة لتبليغ دعوته لأيٍّ منهم، ولكنه الآن فرح، فقد أصبح سبباً في هداية عدّاس.

لقد كان صلى الله عليه وسلم يمامة الأنبياء -إن صح التعبير- لا يفتر في البحث عن القلوب النقية المنفتحة على الحقيقة، وعن الوجوه المقبلة على الهداية، وعندما يجدها يتسرب إلى هذه القلوب ويهمس فيها إلهام روحه. وهكذا كلما زادت الحلقات والهالات حوله وتوسعت جُنّ جنون أصحاب الكفر والضلالة.

وكما جُنّ الكفر في الوقت الحالي أمام الصحوة الإسلامية في شرق العالم وغربه وأصبح يهذي، كان الكفر أيضاً قد جن وهو يرى حلقات الأتباع وهي تزداد حول الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأدى هذا الجنون الذي أصاب الكفر إلى توهم أنهم يستطيعون إطفاء نور الله... ولكن هيهات... فمحاولاتهم تلك كانت أشبه بمن يحاول إطفاء نور الشمس بأفواههم... والشمس هنا تأتي من باب التمثيل وإلا فإن النور الذي أتى به كان يفوق نور الشموس، لأنه كان من نور الله عز وجل. والقرآن الكريم يصور حالتهم المضحكة هذه فيقول: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ (التوبة: 32).

وفي القرن العشرين... في أيامنا الحالية هذه انقدحت الشرارات في نفوسنا من المشعل الذي أشعله نبينا صلى الله عليه وسلم، فسارت مئات الآلاف في طريقه وهم يحملون أرواحهم في أكفهم من أجله ومن أجل إعلاء دعوته. إذن، فالله سبحانه وتعالى شاء أن تتجدد الآن تلك الهالة المحمدية، وأن تتكرر تلك السلسلة الذهبية، أما حقد الكفر وغيظه وشدته وحدّته ومكره وخديعته فلن تستطيع الوقوف أمامها أو إيقاف سيرها... أجل، فإن هذه البذور التي زرعها الإخلاص ستنبت عاجلاً أم آجلاً... إن لم يكن اليوم فغداً؛ فالنور الذي نشره رسول الله صلى الله عليه وسلم لن ينطفئ أبداً.

وعندما لم تعد مكة قادرة على إيوائه هاجر إلى المدينة لكي يستمر في نشر الهداية والنور هناك، ولكن كان عليه أن ينشغل مع اليهود والمنافقين هناك، وأن يقود الحرب ضد الكفار، وتنكسر سِنّه في الحرب ويدمى وجهه وأن يجوع ويظمأ، حتى أنه كثيراً مّا كان يربط الحجر على بطنه من الجوع، وأن يستمر سائراً في دربه دون أي تراخ أو تباطؤ، فلم يتوقف أبداً عن إيفاء حق وظيفته في الدعوة، ولم يهمل لحظة واحدة مهمة التبليغ. فأوضح كل أمور الدين وشرح كل دقائقه وقام بمهمته في تبليغ دين الله أفضل قيام، ولم يهمل إرشاد الأفراد طوال إقامته في المدينة المنورة رغم كل مشاغله ونضاله مع الدول الأخرى؛ فعندما يأتيه أعرابي ويسأله عن مسألة شرَحَها قَبله مئات المرات لا يضيق به وبسؤاله، بل يشرحها له بكل سرور وبكل انشراح وبكل مودة.

والتبليغ يعني إرشاد الناس إلى الصراط المستقيم. والحقيقة أن التبليغ هو سر إرسال الأنبياء وإرسال سلطان الأنبياء. هذا الصراط المستقيم الذي يعرفه كل المؤمنين ويجب أن يعرفوه جيدا، فنحن ندعو الله أربعين مرة أو أكثر كل يوم أن يهدينا إلى الصراط الذي سلكه الأنبياء والصديقون والشهداء، وأن يبلغنا مرامنا ومرادنا مثلهم. والصراط المستقيم طريق عريض، ولكل واحد نصيبه المعلوم منه، ذلك لأن خاتم الرسل أرسل رحمة للعالمين كما تشير إلى ذلك الآية الكريمة ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء: 107).

ثم إنه كان شاهدا ومبشرا ونذيرا كما تنص على ذلك الآية الكريمة:

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً﴾ (الأحزاب: 45).

إن رسولنا صلى الله عليه وسلم تحمّل عِبْئاً كبيراً وثقيلاً مثل عبء النبوة ثلاثة وعشرين عاما، وقام بإيفاء حقِّ وظيفته بنجاح منقطع النظير لم يتيسر لأي صاحب دعوة آخر... وبمثل هذا الروح وبهذه المشاعر المضطرمة بحب الله كان يتقدم ويقترب من الهدف المنشود ومن النهاية المباركة.

وحج حجة الوداع، إذ حج مرة واحدة، ولأنه جمع بين الحج والعمرة فإننا نسمي ذلك بـ"الحج الأكبر"[7] وفي هذا الحج ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته وبلّغ كل ما يجب تبليغه مرة أخرى... فمن قضايا القتل والفدية إلى حقوق المرأة... إلى قضايا الربا... إلى العلاقات بين الأقوام والقبائل... إلى سواها من الأمور والمواضيع... بلغ كل ذلك مرة أخرى وكان يتوجه كل مرة إلى الجماعة المؤمنة قائلاً: «ألا هل بلّغتُ؟» فكانت تردّ عليه: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فكان يشير بأصبعه إلى السماء وينكبها على الناس قائلاً: «اللّهم اشهد. اللّهم اشهد» ثلاث مرات.[8]

لقد أدّى مهمته بحقّ، وقام بالتبليغ على أفضل وجه، لذا فقد كان مستريح الضمير، مرتاح النفس، مطمئن القلب، وكان يتهيأ لملاقاة ربه... كان إنسان مراقبة للنفس مراقبة حساسة جدا، لذا فقد قضى حياته كلها في إطار هذه المراقبة الحساسة يسائل نفسه: هل استطعت أن أبلغ رسالتي كما يجب؟ وهل عشت لتحقيق الهدف الذي من أجله أرسلني الله تعالى إلى الناس؟

ج . القدوة الحسنة

ومن الأسباب التي يمكن ذكرها لإرسال الله تعالى أنبياءه ورسله هو أن يكونوا أسوة حسنة وقدوة متبعة لأممهم. فالله تعالى يذكر في قرآنه الكريم: ﴿اُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه﴾ (الأنعام: 90). هذه الآية موجهة للرسول صلى الله عليه وسلم توصيه بالاقتداء بالأنبياء الذين سبقوه بعد أن ذكرت أسماءهم واحداً تلو الآخر... فتأمل.

ثم إن القرآن الكريم يخاطبنا قائلاً: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ اْلآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً﴾ (الأحزاب: 21).

فالأنبياء أسوة حسنة لنا وهم أئمتنا؛ فكما نتبع الإمام في الصلاة، نتبع سلوك الأنبياء في جميع تفاصيل الحياة ونقتدي بهم. ذلك لأن الحياة الحقيقية بالنسبة إلينا يمثلها نبينا صلى الله عليه وسلم والأنبياء الآخرون. والصحابة الذين عاشوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتدوا به حذو النعل بالنعل، لذا وصل هؤلاء الصحابة والتابعون لهم إلى هذه المنزلة التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه:

«يأتي على الناس زمان يغزو فِئام من الناس. فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيُفتَح لهـم. ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: فيكم من رأى مـن صَحِبَ رسـول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهـم. ثم يغزو فئام من الناس. فيقال لهـم: هل فيكم من رأى من صَحِب من صحب رسـول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعـم، فيفتح لهـم.»[9]

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: «خير الناس قَرْني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.»[10]

فيشير إلى فضل القرون القريبة منه، ذلك لأن أهل هذه القرون كانوا يبدون حساسية شديدة في اتباع سنن الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء: في حياتهم ومشاعرهم وأفكارهم. وفي الحقيقة كان من المهمّ أن يكون التشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم -المبعوث من قبل الله أسوة حسنة- غاية وهدفاً... وتحقق هذا فعلاً.

أجل، لقد أبدى الصحابة والتابعون وتابعو التابعين حساسية شديدة في هذا الموضوع، لذا كانوا أفضل من الناس الذين عاشوا في القرون الأخرى، وكان النبي عيسى عليه السلام يقصد أمة نبينا صلى الله عليه وسلم عندما قال: [في يدهم أعلام القِدِّيسين] (التثنية - الباب: 33، الآية: 3) وهذا تبجيل كبير. وهناك حديث ضعيف يقول: «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل.»[11] وهذا مما يدل على فضل هذه الأمة المحمدية.

أجل، فقد وصلوا باتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحد الذي لا يوجد وراءه سوى النبوة. وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يمثل أنموذجاً مدهشاً لهذا النوع من الرجال الذين اتخذوا من الرسول صلى الله عليه وسلم مُرشداً لهم في جميع أمور حياتهم ودقائقها، وزيّنوا وعطّروا حياتهم بهذه القدوة المباركة. ولم يتغير نظام حياته قيد شعرة بعدما دالت له الدول وانفتحت أمامه أبواب بيزنطية ودانت له الشعوب والأمم؛ أما القُدس الحزينة الأسيرة اليوم... اللطخة السوداء على جبين العالم الإسلامي... هذه البلدة الطيبة التي فتحت في عهده لم يرض قساوستها ورهبانها تسليم مفاتيحها على الرغم من انتصار المسلمين وفتحهم لها قائلين: "لا نرى فيكم أوصاف الشخص الذي يجب أن يتسلم هذه المفاتيح..." وعندما أخبر بذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب سافر إلى القُدس على ناقة استعارها من بيت المال متناوبا ركوبها مع خادمه حتى وصلا المدينة.

ولننظر هنا إلى تجلي عظمة القدر حيث يتوافق دخول الخليفة المدينة وهو يقود الدابة لخادمه؛ إذ كانت نوبة الركوب له، فنزل الخليفة عن الناقة ولم يلتفت إلى إصرار الخادم، فأركبه الناقة وأمسك بمقودها يقودها وهو يدخل إلى المدينة.

ولكم أن تتصوروا أنتم حال من يرى هذا المنظر الفريد... لقد بهتهم هذا المنظر، وأذهلهم حتى تسمّروا في أماكنهم لا يصدقون ما تراه أعينهم، وقالوا: "أجل، هذه هي صفات الشخص المذكور في كتبنا" وسلموا له مفاتيح المدينة.

ثم تأملوا حاله وهو مسجًّى على الأرض بعد أن طعنه ذلك المجوسي. وأثر ما أكله من طعام أو شراب يخرج من جرحه. كان صامتاً لا يبدر منه صوت ولا يهتم بما يدور حوله، وها هو خادمه يأتيه ويسأله إن كان يريد طعاما أو شرابا فلا يجيبه وإنما يشير بعينيه أن "لا". ويروي المِسْوَر بن مَخْرَمَة قائلاً: دخلت على عمر بن الخطاب وهو مسجى فقلت: كيف ترونه. قالوا: كما ترى. قلت: أيقظوه بالصلاة فإنكم لن توقظوه لشيء أفزع[12] له من الصلاة. فقالوا: الصلاة يا أمير المؤمنين. فقال "ها الله ولا حقّ في الإسلام لمن ترك الصلاة." فصلى وإن جرحه لَيَثْعَب[13] دما.[14]

هكذا كان عمر رضي الله عنه... هكذا كان لأنه تعلم ذلك من سيده وحبيبه ورسوله، لذا يجب أن يتبعه ويقتدي به بهذا الشكل كي يكون أسوة حسنة لمن يأتي بعده.

أجل، فإرسال الرسل والأنبياء ليكونوا قدوة وأسوة حسنة لأممهم من أسمى غاياتهم.

د . تأمين التوازن بين الدنيا والآخرة

أتى الأنبياء والرسل لتأمين التوازن بين الدنيا والآخرة. فبمقياس التوازن الذي جاءوا به يستطيع ابن آدم أن يجد طريقه المستقيم ومنهاجه الصحيح ويتخلص من الإفراط والتفريط.

أجل، فلا يجب ترك الدنيا والاعتكاف في الأديرة والصوامع كالرهبان. ولا يجب الانغماس في الدنيا والانقلاب إلى عبد لها وأسير في يدها، بل الأفضل العثور على الطريق الوسط، ولا يمكن ذلك إلا بوساطة الوحي؛ فالعقل والوجدان لا يستطيعان إنشاء مثل هذا التوازن؛ والعلم الصرف أبعد منهما عن الوصول إلى هذا الهدف وتحقيق هذه الغاية، إذ لا يستطيع رفع الإنسان إلى هذا المستوى.

والقرآن الكريم يشرح هذا التوازن فيقول: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ اْلاٰخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي اْلأَرْضِ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ (القصص: 77).

فإذا وضعتَ في إحدى كفتي هذا الميزان الإلهي الحقائق التي تنطق بها الآية الكريمة: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ (الضحى: 11) عليك أن تضع التحذير الذي تتضمنه الآية ﴿ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَومَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ (التكاثر: 8).

وهكذا يتم حفظ التوازن بهذه المقاييس والموازين. أما إنفاق أبي بكر الصديق رضي الله عنه كل ماله في سبيل الله وعدم إبقائه لأهله شيئاً فما ذلك إلا لأن مرتبة "الصدّيقية" تستلزم هذا.

يروي زيد بن الأرقم الحادثة التالية عن أبي بكر رضي الله عنه في أيام خلافته فيقول: إن أبا بكر رضي الله عنه استسقى فأُتِيَ بإناء فيه ماء وعسل، فلما أدناه من فيه بكى وأبكى من حوله، فسكت وما سكتوا، ثم عاد فبكى حتى ظنوا أن لا يقدروا على مساءلته، ثم مسح وجهه وأفاق فقالوا: ما هاجك على هذا البكاء؟ قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل يدفع عنه شيئاً ويقول: «إليك عني... إليك عني...» ولم أر معه أحداً فقلت: "يا رسول الله! أراك تدفع عنك شيئاً ولا أرى معك أحدا؟" قال: «هذه الدنيا تمثلت لي بما فيها، فقلت لها إليك عني فتَنحّتْ وقالت: أما والله لئن انفلتَّ مني لا ينفلتُ مني مَن بعدك.» فخشيت أن تكون قد لحقتني فذاك الذي أبكاني.[15]

أجل، فمع أن الدنيا أقبلت عليهم فإنهم عاشوا حياة متوازنة، ذلك لأن قدوتهم وأسوتهم ومرشدهم عاش كذلك.

ﻫ . سد باب المعذرة

من أسباب إرسال الرسل والأنبياء هو سد باب معذرة الناس أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة. قال الله تعالى موضحا هذه الغاية ومبينا هذا السبب: ﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ (النساء: 165).

لم يستطع القادة والزعماء -عدا الأنبياء والرسل- المداومة على إقناع الأمم والشعوب إقناعاً مستمرّاً. إنهم قد يفعلون ذلك لمدة وقد ينجحون، ولكن نجاحهم هذا نجاح مؤقت؛ إذ سرعان ما يتجاوزهم الزمن ويبلي أفكارهم فتسقط كما تسقط أوراق الخريف. ذلك لأن دعوتهم غير مستندة إلى العون الإلهي. لذا، فهم لم يستطيعوا أن يتخطوا الصفة البشرية قولا وفعلا.

أما الأنبياء والرسل فهم بخلاف ذلك. إنهم أشخاص معدّون سلفاً ومختارون للنبوة والرسالة وهم في أرحام أمهاتهم. فحياتهم حياة متناغمة تناغم لحن موسيقي، وحديثهم حديث عذب عذوبة الشعر، فعندما يتحدثون ينصت الوجود كله لهم، ويرهف الجميع أسماعهم لهم، فكم من أمر تغير بمجيئهم، وكم من حادثة حولت طريق سيرها بقدومهم، وكم من قلب أسلم قياده لهم واتبعهم، وكم من ناموس جار في الكون وقف من أجلهم بل غير مجراه من أجلهم ونتيجة طلبهم.

ويكفينا في هذا أن نوجه النظر إلى سلطان الأنبياء وسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم؛ فالأرض والشجر والحيوان توجه إليه وكأن كلاًّ منهم يرغب في أن يقيم علاقة معه باسم النوع الذي ينتسب إليه وأن يظهر تصديقه بنبوته وبرسالته، وكما قال البوصيري: "جاءت لدعوته الأشجار ساجدة".[16]

ذلك لأن الأشياء اكتسبت معانيها بعد قدومه هو، وتخلص الوجود كله من ركام الفوضى. كان يقول بلسان القرآن ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسبِيحَهُم﴾ (الإسراء: 44). يقول هذا وكأنه ينفخ الحياة والروح في كل موجود. كل ما تعلمناه تعلمناه منه، وما بانت حكم الأشياء إلا به، [17] ويجدر بنا أن نورد في هذا الصدد أن الإنسان لم يخلق عبثاً ولم يترك سدى. [18]

لقد جاء كل نبي ورسول بمعجزات عديدة ليزداد الذين آمنوا إيمانا، ولا يبقى لغير المؤمنين أي عذر لهم في عدم الإيمان. أما سيد المرسلين فقد أتى بجميع معجزات الأنبياء والمرسلين السابقين له. أجل، فقد رأت كل أمة معجزات نبيها أو سمعت بها، أما نحن فقد سمعنا آلافاً من معجزات نبينا، ونرى بين أيدينا في كل حين معجزة خالدة وهي القرآن الكريم؛ ومن ثم فلا عذر لأي شخص، ولا مجال لأي اعتراض لأن الله سبحانه وتعالى قد أوضح بوساطة نبيه جميع الحقائق التي تعود إلى الإيمان إيضاحاً كاملاً وعرضها أمام الأنظار بكل جلاء، ويعد هذا الأمر أحد أسباب بعث الأنبياء والرسل؛ لأن الله تعالى قرر في القرآن هذه القاعدة حيث يقول: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ (الإسراء: 15).

فإذا ما نصبت موازين الحساب يوم القيامة فلا عذر لأحد ولا حجة لكائن من كان؛ فقد أرسلت الرسل وبعثت الأنبياء.[19]

الهوامش

[1] البخاري، المغازي، 83، المرضى، 19؛ مسلم، السلام، 46؛ أبو داود، الطب، 19؛ الترمذي، الدعوات، 76

[2] الحَجُون: اسم موضع في مكة المكرمة. (المترجم)

[3] «المسند» للإمام أحمد 1/449؛ «جامع البيان» للطبري 24/33

[4] البخاري، مناقب الأنصار، 45؛ مسلم، فضائل الصحابة، 2

[5] «الأنبياء إخوة لِعَلاَّت، أمهاتهم شتّى ودينهم واحد.» أي إن الأنبياء إخوة من ناحية الأب مع اختلاف أمهاتهم، أي إن الأنبياء يتفقون في أصل الدين وقاعدته وهي "التوحيد" ويختلفون في الفروع. (البخاري، الأنبياء، 48؛ مسلم، الفضائل، 145)

[6] البخاري، بدء الخلق، 7؛ مسلم، الجهاد، 111؛ «البداية والنهاية» لابن كثير 3/166؛ «السيرة النبوية» لابن هشام 2/60-63

[7] الحج الأكبر: وهو القيام بأداء العمرة والحج معا. علما بأن هناك اعتقاداً خاطئاً شاع بين الناس حول الحج الأكبر مفاده أنه الحج الذي يصادف فيه يوم عرفة يوم الجمعة.

[8] البخاري، الحج، 132، المغازي، 77؛ مسلم، الحج، 147؛ ابن ماجه، المناسك، 84؛ أبو داود، المناسك، 56

[9] البخاري، فضائل اصحاب النبي، 1؛ مسلم، فضائل الصحابة، 208-209

[10] البخاري، فضائل اصحاب النبي، 1؛ مسلم، فضائل الصحابة، 212

[11] «كشف الخفاء» للعجلوني 2/64؛ «الفوائد المجموعة» للشوكاني ص286

[12] أي أشد إيقاظا له منها. (المترجم)

[13] يثعب: أي يجري. (المترجم)

[14] «مجمع الزوائد» للهيثمي 1/295؛ «الطبقات الكبرى» لابن سعد 3/350

[15] «حلية الأولياء» لأبي نعيم 1/30-31

[16] انظر إلى: مسلم، الزهد، 74؛ «المسند» للإمام أحمد 1/223؛ «البداية والنهاية» لابن كثير 6/135

[17] انظر إلى: ﴿رَبَّنَا وَابعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيهِم آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِم إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (البقرة: 129)، ﴿كمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتلُو عَلَيكُم آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة: 151)، ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِم يَتْلُو عَلَيْهِم آياتُهُ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِين﴾ (آل عمران: 164)، ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي اْلأُمِّيِينَ رَسُولاً مِنْهُم يَتْلُو عَلَيهِم آيَاتِهِ وَيُزَّكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِين﴾ (الجمعة: 2). وانظر إلى: «المسند» للإمام أحمد 1/202 (الحديث الذي جرى بين جعفر بن أبي طالب والنجاشي).

[18] الآيات التالية تشرح هذا الأمر بوضوح: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُترَك سُدًى﴾ (القيامة: 36)، ﴿أفَحَسِبْتُم أَنَّمَا خَلَقْنَاكُم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ﴾ (المؤمنون: 115)

[19] انظر: ﴿وسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى جَهَنَّمَ زُمَرا حَتَّى إذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُم رُسُلٌ مِنْكُم يَتْلُونَ عَلَيكُم آياتِ رَبِّكُم وَيُنْذِرُونَكُمْ لَقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ (الزمر: 71)