د . النبي المرتقب والمبشر به

1- دعاء إبراهيم وبشارة عيسى عليهما السلام

سأله أحد الصحابة يوماً: ما كان بدءُ أمرك؟ فقال: «أنا دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى بن مريم.»[1] ويتناول القرآن الكريم هذا الموضوع في آيتين مستقلتين:

الأولى: دعاء إبراهيم عليه السلام: ﴿رَبَّنَا وَابْعَث فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُم يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (البقرة: 129).

الثانية: بشرى عيسى عليه السلام: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ (الصفّ: 6).

أجل، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يظهر هكذا فجأة، بل هو نبي تمّت البشارة بقدومه منذ عصور وعصور، وكان العالم بأسره في انتظاره.

إن أكبر دليل وبرهان على نبوته هو هذا القرآن الكريم الذي يُعدّ معجزة خالدة أبد الدهر. أجل، ففي القرآن ذي البيان المعجز مئات من الآيات التي تدل وتبرهن على نبوة فخر العالمين. فمن لم يستطع إنكار القرآن بأجمعه، لا يستطيع إنكار نبوته أبداً. غير أن هذا موضوع مستقل لن نتناوله الآن، وشروح الآيات القرآنية التي سنعرضها كأدلة، كلما جاء موضعها، ستساعد في إيضاح هذا الموضوع بعض الشيء.

2- بشارات التوراة

سنتناول هنا بعض البشارات التي لا تزال موجودة في التوراة والإنجيل والزبور حول رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرغم من تعرّض هذه الكتب إلى مئات من التحريفات. ومن أراد التفصيل في هذا الموضوع، فعليه بمراجعة الكتب التي شَرحت وفصلّت هذا الموضوع، ولاسيما كتاب”الرسالة الحَميدية“ للشيخ حسين الجِسْر، أما هنا فسنكتفي بإيراد بعض هذه الأدلة التي نراها مهمة.

أ. جبال فاران

جاء في الترجمة العربية لنسخة التوراة المطبوعة في إنكلترة عام 1944 ما يأتي: [جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران.] (التثنية - الباب: 33، الآية: 2)، أي أن رحمة الله سبحانه وتعالى وفضله على الإنسانية ظهرت في سيناء، وهي الموضع الذي كلم الله تعالى فيه النبي موسى عليه السلام، وهذه الرحمة هي النبوة التي أعطيت لموسى عليه السلام؛ أما ساعير فهو فلسطين، وتجلت رحمة الله تعالى فيه بإرساله الوحي إلى عيسى عليه السلام. والمسيح عليه السلام من الأنبياء العظام، وموضع تجليات وأفضال عديدة لله سبحانه وتعالى؛ ونظراً لأن العديدين التبس عليهم مفهوم التجلي مع مفهوم الظهور، فقد أدى هذا إلى مشاكل عديدة.

أجل، فإن التجلّي عند عيسى عليه السلام هي النفخة الإلهية في مولده؛ أما في جبال فاران فقد ظهر الله تعالى فيها بسر أحديته، ومقام فرديته. وفاران هي مكة، إذ ورد في موضع آخر من التوراة بأن إبراهيم عليه السلام ترك ابنه إسماعيل في فاران، إذن، فإن المقصود من فاران في التوراة هي مكة. فالبشارات الثلاثة متعلقة بالنبي موسى عليه السلام وعيسى عليه السلام ومحمد عليه الصلاة والسلام الذي هو خاتم الأنبياء.

وتستمر هذه الآية من التوراة بالعبارة التالية: [ومعه ألوف الأطهار، في يمينه سِنّة النار.[2]][3] وهي تدل على أنه سيكون مأموراً بالجهاد.

من المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف قبيل نـزول الوحي في غار حراء، حيث يتأمل ويَتحنّث فيه، وكان أول نـزول الوحي عليه في هذا الغار.[4] فإذا لم يكن فاران مكة، فأيّ مكان يكون إذن؟ وأيّ مكان شعّ نوراً مثل الدين الإسلامي الذي ظهر منه، وانتشر شرقاً وغرباً؟ ولـمّا لم يكن هناك في العالم بأسره مكان آخر، فيه كل هذه المواصفات غير مكة، فإن فاران الوارد في التوراة لا يعني سوى مكة. وكما قلنا سابقاً، فإن الآية رقم 2 من الباب 33 من كتاب التثنية، والآية رقم 20 من الباب 21 من كتاب التكوين، وهي: [وسكن برّية فاران.] تشير إلى الموضع الذي سكن فيه سيدنا إسماعيل عليه السلام. وهذا دليل واضح وقاطع على أن فاران هو مكة، وليس بمقدور أحد أن يثبت العكس، والاعتراضات التي أثيرت في هذا الموضوع اعتراضات سطحية وغير علمية. ثم إن ختام الآية التي تشير إلى أصحابه، وإلى كونه مكلفاً بالجهاد لا يدع مجالاً لأي شك أو شبهة في أن رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم هو المقصود، وهو المعنيّ.

ب. من نسل إسماعيل عليه السلام

والآية الثانية من التوراة تقول: [وسوف أقيم لهم نبياًّ مثلك من بين إخوتهم، وأجعل كلامي في فمه، ويكلمهم بكل شيء آمر به] (التثنية - الباب: 18، الآية: 18).

فالله سبحانه وتعالى يخاطب موسى عليه السلام ويقول له: إنني سأرسل لهم، أي لبني إسرائيل نبياًّ مثلك من بين إخوتهم، وسأجعل كلامي في فمه لكي يبلغهم بأوامري.

والآية رقم 19 التي تكمل هذه الآية هي: [ومن لم يطع كلامه الذي يتكلم به باسمي فأنا أكون المنتقم من ذلك].

وتعبير "إخوة بني إسرائيل" الواردة في تلك الآية، تشير إلى نبي يأتي من نسل إسماعيل عليه السلام، والنبي الوحيد الذي أتى من نسل إسماعيل عليه السلام هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ثم إن الآية تشير إلى أن هذا النبي سيأتي بشريعة مثلما أتى موسى عليه السلام بشريعة. كما أن هذه الآية تومئ إلى أن النبي المبشر به سيكون أُمياًّ.

أما الانتقام من غير المطيعين المذكور في الآية فتشير إلى الحدود والعقوبات، وهي غير موجودة إلا في الدين الإسلامي. ولا يمكن أن يكون عيسى عليه السلام ولا يوشع عليه السلام النبي المبشر به في التوراة على الإطلاق، ذلك لأن هذين النبيين هما من بني اسرائيل. ثم إن عيسى عليه السلام لم يأت في معظم المسائل بأحكام جديدة أو بشريعة جديدة، بل كان متبعاً لشريعة موسى عليه السلام.

أما يوشع فمن الواضح جداًّ أنه لا يشبه موسى عليه السلام، لأنه لم يأت بشريعة جديدة، بينما تشير الآية الكريمة: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً﴾ (المزمل: 15) إلى وجه الشبه بين موسى عليه السلام ونبينا عليه الصلاة والسلام. والحقيقة أنه لا حاجة بعد هذا إلى أي دليل آخر.

ج. صفاته الأخرى

كان قد اشتهر عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن سلام وكعب الأحبار رضي الله عنهم بأنهم أعلم الناس بالكتب القديمة. ويروى عنهم أن التوراة التي لم تكن قد حُرّفت بنسبة تحريفها الحالي، كانت تحتوي على هذه الآية: يا أيها النبي، إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وحِرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سمّيتُك المتوكِّل، ليس بفَظّ ولا غليظ ولا سَخّاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئةَ، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يُقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله.[5]

والآن لنفكر: مَن المقصود بهذا في التوراة؟ لا نحتاج حتى إلى تحليل عميق لندرك أن المعنى الظاهري لهذه الآية يتعلق بنبي سيأتي، وندرك من الآية أن هذا النبي ليس سوى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أرسل رحمة للعالمين وللناس أجمعين، فكأن هذه الآية تقول له:

إنا نرسلك أيها النبي إلى العالمين مبشراً بالطريق القويم، والصراط المستقيم، ونذيراً لسالكي الطرق المعوجة الملتوية من وخامة العاقبة. ستقف أمام جميع الشرور والرذائل لتَحول دون سقوط الناس في هاوية السعير، وستكون نوراً وضياء للتائهين في ظلام هذه الطرق الملتوية لتقودهم من أيديهم إلى الجنة، وإلى رضاء الله.

إنا أرسلناك حِرْزاً للأميين في عهد الجاهلية وملاذاً، فطالما اتبعوك واستندوا إليك، فسيكونون في حرز وأمان، وفي رحمة من الله وفضل. أنت عبدى ورسولي -أجل، فنحن نشهد دوماً في الصلاة عندما نقرأ التحيّات أنه عبد الله ورسوله- لقد وضعتُ لك اسم وصفة "المتوكل"، فلو خاصمك العالم بأسره، وعاداك وحاربك لَـما اهتزّت منك شعرة واحدة. أجل، فلكل نبي أفق خاص به في التوكل، أما أنت فلك شأن آخر في هذا الخصوص، لذا فقد سميتك "المتوكل".

ثم يتوجه هذا الخطاب إلى الغيب: هو ليس بالشخص الصخّاب الغضبان على الدوام، الفظ الغليظ، بل صاحب أدب وخلق ووقار ورزانة، ليس بالشخص الذي يصرخ ويشتم في الأسواق، ذلك لأن هذا الأسلوب في جلب اهتمام الناس ليس إلا دليل ضعف، وعلامة غرور.. وهو بعيد عن مثل هذه الصفات الذميمة ومبرأ منها.

لا يقابل السيئة بالسيئة والشر بالشر.. يأتي إليه أحد الأعراب، ويجرّه من ردائه بقوة قائلاً له: "أعطني حقي!" فلا يقابل النبي صلى الله عليه وسلم هذه المعاملة الخشنة التي تثير الغضب في نفوس صحابته إلا بالتبسم، ثم يقول لأصحابه: «أعطوه حقه.»[6]

أجل، لقد كان يعفو عن أكبر الذنوب، ولكن بشرط ألا ينتهك شرع الله. تأملوا سماحته وحلمه وعفوه مع أهل مكة -الذين آذوه أذى شديداً طوال سنوات- بعد فتحها، وبعد أن أصبح قادراً على أن يفعل بهم ما يشاء، ولكنه قال لهم: «اذهبوا فأنتم الطُلَقاء.»[7]

وَعَد الله ألا يتوفاه ويرفعه إليه إلا بعد أن يهتدي أهل الجاهلية التائهين في ظلمات الباطل بالنور الذي أرسل به. وأنجز الله وعده، فلم يلتحق بالرفيق الأعلى إلا بعد أن أكمل الله دينه، وأتم نعمته، وربّى صحابة له، وأتباعاً يمثلون هذا الدين أصدق تمثيل. عند ذلك فقط، كانت مهمته قد انتهت، ووظيفته قد استوفيت.. إذن، كان يستطيع أن يفارق الناس، ويلتحق بحبيبه الحقيقي.. فقد أدى رسالته في الدنيا.

أجل، كانت التوراة تصفه بهذه الصفات، وعندما حان موعد مجيئه، جاء وهذه الصفات بأجمعها متحققة فيه. فالحقيقة أن ما ورد في التوراة يتطابق مع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذن، فمن هو النبي الكريم الذي تذكره التوراة؟ أهناك شخص آخر في التاريخ تتطابق حياته مع ما جاء أعلاه؟ كلاّ دون شك. إذن، فالمقصود هو الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وليس غيره.

3- بشـارات الإنجيل

أ. فارقليط

جاء في إنجيل يوحنا: [قال المسيح: إنني ذاهب إلى ربي وربكم لكي يرسل لكم فارقليط، الذي سيأتي إليكم بالتأويل] (الباب: 16، الآية: 7). ويأتي فارقليط بمعنى روح الحق، الذي يفرق بين الحق والباطل.

أجل، إن رسول الله هو روح الحق، ذلك لأن القلوب الميتة لا تحيا إلا بالحق الذي جاء به. وقد بذل كل شيء، وكافح لكي يوصل الهداية إلى الناس، ولم يتميز الحق عن الباطل إلا بعد هذا الجهاد وهذا الكفاح. إذن، فقد جاء فارقليط الذي بشر به المسيح عليه السلام، وهو خاتم النبيين والمرسلين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وجاء في إنجيل يوحنا (الباب: 14، الآية: 15، 16): [إن كنتم تحبونني أطعتم أوامري، أما أنا، فسأبتهل إلى الرب ليرسل لكم معيناً آخر، وروح الحقيقة "فارقليط" لكي يبقى معكم على الدوام.] والآن لنتأمل هذه الآيات: [فارقليط هو روح القدس الذي سيرسله الرب باسمي أي نبياًّ مثلي. سيعلمكم كل شيء، وسيذكّركم بما قلته لكم] (يوحنا - الباب: 14، الآية: 14).

[عندما يأتي فارقليط سيشهد لي، وستشهدون أنتم لي] (يوحنا - الباب: 15، الآية: 26-27). [ولكني أقول لكم الحق: من الأفضل لكم أن أذهب، لأني إن كنت لا أذهب لا يأتي فارقليط إليكم، ولكني إن ذهبت، أرسله إليكم] (يوحنا - الباب: 16، الآية: 7). [وعندما يأتي فارقليط يُبكّت العالمَ على الخطيئة] (يوحنا - الباب: 16، الآية: 8).

جاء الإنجيل باللغة العبرانية في البداية، ثم ترجم إلى اللغة اليونانية، والتراجم العربية الموجودة في أيدينا مترجمة عن اليونانية، ولما كانت كلمة "فارقليط" واردة في الترجمة الأولى إلى اليونانية، فإننا لا نعرف الكلمة الأصلية المقابلة لها في العبرية، وفارقليط هي الترجمة العربية لهذه الكلمة في اليونانية، أي أنها دخلت إلى العربية عن طريق التعريب، إلا أننا لن نقف عند هذه الكلمة لنبني موضوعنا عليها، بل سنحاول رؤية جميع صفات النبي الذي بَشّر بها الإنجيل، وكيفية تطابقها، وملاءمتها مع صفات رسولنا صلى الله عليه وسلم.

لنجعل من كلمات عاشق للنبي صلى الله عليه وسلم عنواناً.. أجل، فما أجمل ما قاله مولانا جلال الدين الرومي:

بود در انجيل نعت مصطفى      آن سر بيغمبر ان بحر صـفا

بود ذكر حليها وشـكل او      بو ذكر غزو صوم واكل او

أي:

نعت المصطفى صلى الله عليه وسلم موجـود في الإنجيـل،

هو سر الأنبياء وسر بحرهم الصافي،

صفاته وشمائله وغزواته وصومه وأكله،

موجود كله في الإنجيل.

ب. رئيس العالم

جاء في إنجيل يوحنا (الباب: 14، الآية: 31) قول المسيح عليه السلام: [لن أكلّمكم كثيراً بعد، فإن سيد هذا العالم قادم عليّ، ولا شيء له فيّ.] وتقول (الآية: 8 وما بعدها في الزبور، الباب: 72): [ستمتد مملكته من البحر إلى البحر، ومن النهر إلى أقاصي الأرض.. أمامه يركع أهل البادية.. ملوك تَرْشِيش والجزر يحملون إليه الهدايا.. ملوك الشَّبَا وسبأ يقدمون عطايا.. ينحني أمامه جميع الملوك، وتتعبد له كل الأمم، لأنه ينقذ المسكين المستغيث البائس الذي لا معونة له.. يعطف على الفقير والمحتاج، ويخلص نفوس المساكين إذ يفتدي نفوسهم من الظلم والعنف، ويحفظ حياتهم، لأنها ثمينة في عينيه، ليحيي الملك، ليعط له ذهب شبا، وليصلوا من أجله دائماً، ويطلبوا له بركة الله كل النهار. لتتكاثر الغلال في الأرض، وعلى رؤوس الجبال، وتتماوج مثل أرز لبنان، ويُزهر أهل المدينة كعشب الأرض.. يخلد اسمه إلى الدهر، ويدوم اسمه كديمومة الشمس، ويتبارك الناس به، وتُطوّ به كل الأمم.]

وكما قلنا آنفاً، فإننا دخلنا إلى هذا الموضوع استطراداً ومن أجل إعطاء فكرة مختصرة، وليس في نيتنا الدخول إلى تفاصيله، إلا أننا لا نملك هنا أنفسنا من القول بأنه على الرغم من جميع محاولات النصارى واليهود حالياًّ أو في الماضي من الذين تغلغل الغل والحسد إلى عروقهم ونفوسهم، وعلى الرغم من جميع محاولات التحريف التي قاموا بها، فإن التوراة والإنجيل الموجودين حالياًّ يحفلان بالكثير من البشارات حول نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعديد من الإشارات إليه. وأنا أعتقد أنه بجهود المحظوظين من مؤرّخينا قد نعثر على النُسخ الأقلّ تعرّضاً للتحريف للتوراة والإنجيل والزبور، وعندئذ سيرى فيها الجميع حتى العامة من الناس الإشارات الصريحة الواضحة التي لا تحتاج إلى أي تفسير أو تأويل حول نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعل الأحاديث التي تخبر عن رجوع المسيحية إلى نقائها القديم إشارة إلى هذا الأمر.[8]

ومن جانب آخر، فإنه من الثابت في القرآن والسنة أن التوراة والإنجيل يشيران إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى أصحابه، لذا فإن إنكار هذا الأمر يعد انحرافاً وكفراً.[9]

الهوامش

[1] «كنـز العمال» للهندي 11/384

[2] سِنّة النار: أي فأس من النار ذو رأسين. (المترجم)

[3] في الطبعة الإنكليزية للتوراة وردت هذه الآية هكذا: [ومعه عشرة آلاف من الأطهار.] وهي تشير إلى فتح مكة، غير أنهم حذفوا [عشرة آلاف] من التراجم العربية. (المترجم)

[4] البخاري، بدء الوحي، 3؛ مسلم، الإيمان، 252

[5] البخاري، البيوع، 50؛ «المسند» للإمام أحمد 2/174

[6] أبو داود، الأدب، 1؛ «المسند» للإمام أحمد 2/377

[7] «السيرة النبوية» لابن هشام 4/55

[8] البخاري، الأنبياء، 49؛ مسلم، الإيمان، 244-247

[9] انظر: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِي الأُمّي الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكتُوباً عِنْدَهُم في التَّورَاةِ وَالإنْجِيلِ﴾ (الأعراف: 157)، ﴿...ذَلِكَ مَثَلُهُمْ في التَّورَاةِ وَمَثَلُهُمْ في الإنْجِيلِ...﴾ (الفتح: 29)، ﴿وَإذْ قَالَ عِيسَى بنُ مَريَمَ يَا بَنِي إسرَائِيلَ إنِّي رَسُولُ اللهِ إلَيكُم مُصَدِّقاً لِمَا بَينَ يَدَيَّ مِنَ التَّورَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأتِي مِن بَعدِي اسمُهُ أحمد فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتٍ قَالُوا هَذَا سِحرٌ مُبِينٌ﴾ (الصف: 6). وانظر إلى: (البخاري، البيوع، 50؛ «المسند» للإمام أحمد 2/174). وإذا أردت التفصيل فانظر إلى: «الخصائص الكبرى» للسيوطي 1/18-31.