القسم الأول : فصول حول العلاقة بين الفكر والفعل

فهرس المقال

تفرد الفكر الإسلامي بإمكانية تحقيق السعادة البشرية

كتب "مراد هوفمان" كتابا بعنوان "الإسلام كبديل"، ولم يكن في الحقيقة من نوع الكتَّاب الذين يوظِّفون الشعارات الكبيرة الرنانة، لمجرَّد التهويل، وإنما هو عالِم محترَم، له خصائصه الفكرية والحضارية، وصاحب منهج علميٍّ متميِّز؛ ومما جاء في كتابه: "إنَّ الانتشار العفويَّ للإسلام هو سمة من سماته على مرِّ التاريخ، وذلك لأنَّه دينُ الفطرة المنزّل على قلب المصطفى -صلى الله عليه وسلم-"[80]. وقال في موطن آخر: "الإسلام دين شامل وقادر على المواجهة، وله تميُّزه في جعل التعليم فريضة، والعلم عبادة... وإنَّ صمود الإسلام ورفضه الانسحاب من مسرح الأحداث، عُدَّ في جانب كثير من الغربيين خروجًا عن سياق الزمن والتاريخ، بل عدّوه إهانة بالغة للغرب"[81].

والعالم "مراد هوفمان" يعرف أنَّ الكثيرين من الداخل والخارج على السواء، سيعتبرون هذا مجرَّد حملة دعائية، وأنَّ من المستحيل أن يعود الإسلام إلى واجهة التاريخ، ففنَّد هذا الزعم، وأشار بوضوح إلى شرط تحققه، وقال: "لا تستبعد أن يعاود الشرق قيادةَ العالم حضاريًّا، فما زالت مقولة "يأتي النور من الشرق" صالحةً... إنَّ الله سيعيننا إذا غيّرنا ما بأنفسنا، ليس بإصلاح الإسلام، ولكن بإصلاح موقفنا وأفعالنا تجاه الإسلام"[82].

كما كتب "هوستن سميث" كتابا مبدعا، بعنوان "لماذا الدين ضرورة حتمية؟!"، طبَّق من خلاله منهج النفق المغلق، الذي صنعته المادية والعلموية المعاصرة، ونهاية النفق هي بالضرورة موصولة بالوحي الإلهي، وقد اعتمد المؤلف على "البرادايمات" وعلى أسلوب "التمثُّل" ليعالج موضوعه، وهو وإن لم يؤكد على ديانة دون أخرى، إلاَّ أنه يشترط الوحي والمدد الرباني لبلوغ السعادة، وبغيرهما ستستمر البشرية في شقائها الانتحاري.

  • تم الإنشاء في
جميع الحقوق محفوظة موقع فتح الله كولن © 2024.
fgulen.com، هو الموقع الرسمي للأستاذ فتح الله كولن.