القسم الأول : فصول حول العلاقة بين الفكر والفعل

فهرس المقال

حياة القلب والروح

يقول فتح الله: "إنَّ الذين استطاعوا الخلاص من سجن الجسم، ووصلوا إلى مرتبة حياة القلب والروح، يستطيعون عيش الماضي والمستقبل معًا وفي الوقت نفسه"[28].

والقدوة في مثل هذه الحياة الطيبة هم رسل الله وأنبياؤه، والسؤال هو: "لِمَ لا يوجد سلطان الرسل في الآخرة وفي الدنيا وأمام الملائكة وأمام الأنبياء في الوقت نفسه وفي اللحظة نفسها؟".

أمَّا الجواب فهو: "أجل، إنه يوجد وسيوجد".

أمَّا الإجراء الذي أفصح عنه مؤلف "النور الخالد" وكشف به عن سرٍّ من أسراره، فهو قوله: "سأجعل من كلِّ ما ذكرتُه أساسًا وقاعدة لِما سأذكره؛ لأنَّ تعيين زاوية النظر إلى الأنبياء وإلى نبيّنا -صلى الله عليه وسلم- مهمٌّ جدًّا. فإن كان فهْم الأولياء والأصفياء والأبرار والمقرَّبين وحدسهم -دع عنك الأنبياء العظام- يحتاج إلى صفاء روحيٍّ وإلى نقاء قلبيٍّ خاصٍّ، فكيف يمكن فهْم الأنبياء في هذا العالم الماديِّ الغليظ الذي تكثر فيه الحجب والأستار؟ إذن، فلكي نفهمهم، فإنَّ علينا التوجُّه إليهم بكلِّ استعداداتنا القلبية، ولطائفنا الروحية، وبكلِّ دقة واهتمام وتركيز. فإن كان المطلوب فهم شخصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنَّ هذه الدقة والاهتمام والتركيز يجب أن يزداد أضعافًا مضاعفة، هذا علمًا بأنَّ درجة معرفة كلٍّ منا وفهمه يتبع درجة قوة نظرته القلبية، ولكن لا أحد يستطيع أن يفهمه ككلٍّ أو يحيط به إحاطة تامَّة، فهو كما قال البوصيري:[29]

وكيف يُدرِك في الدنيا حقيقتَه

قومٌ نيامٌ تَسلّوْا عنه بالحُلُم

  • تم الإنشاء في
جميع الحقوق محفوظة موقع فتح الله كولن © 2024.
fgulen.com، هو الموقع الرسمي للأستاذ فتح الله كولن.