الفصل الأول: الوعي بالتاريخ ودوره في إحداث النهضة

فهرس المقال

تأثر كولن بالسيرة النبوية

صلة كولن بالتاريخ، تترجم صلة روحية وفكرية وثقى تربطه بالسيرة النبوية. من هنا كانت له تلك العلاقة الوجدانية بالبقاع المقدسة، وخاصة تلك المواقع التي قُدِّرَ لها أن تكتسب بُعْدَ المرموزية التحنُّفية للرسول -صلى الله عليه وسلم- مثل غار حراء. فتعلقُ وجدان كولن بحراء أمرٌ لا مراء فيه، بدليل أننا رأيناه يطلق اسم "حراء" على أول مجلة عربية تصدر في تركيا المعاصرة. بل إن لحراء أثرًا سلوكيًّا في روح كولن، فحراء -إذا ما تأملنا موحياتها- كانت هي معتكَف الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وموطن هجرته إبان تهيؤه لاستقبال رسالة الله إلى العالمين.

وسنرى كولن يجسّد -هو كذلك- في سيرته الدعوية تجربة حرائية، فيها بعض ما يتشاكل -اقتداء- مع سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- واعتكافه الأزكى بغار حراء. لقد تأبَّى كولن إلا أن يجعل من صحن المسجد مسكنه وموضع إقامته، بل لقد أبى في مستهل أطوار تدرجه في الدعوة، إلا أن يجعل من نافذة أول مسجد تولى الوعظ فيه، مَقرًّا له، ومثوى يؤول إليه آخر النهار، وبذلك الخيار تكون العلاقة الاقتدائية مع خير الخلائق محمد -صلى الله عليه وسلم- قد أخذت طابعًا عمليًّا؛ إذ إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو يتهيأ للاضطلاع بالحدث الدعوي، كان قد اتخذ حراء مسكنًا يغشاه، ومستقرًّا يلازمه، ويتفرغ فيه للتبتل وتزكية النفس.

  • تم الإنشاء في
جميع الحقوق محفوظة موقع فتح الله كولن © 2024.
fgulen.com، هو الموقع الرسمي للأستاذ فتح الله كولن.