ربًّا سواك لا أبغي..!

-1-

من أنا..؟
بك يا ربُّ صرتُ "أنا"...
مولاي أنت...
سواك مولًى لا أبغي..!
تولّيتَنِي، ربَّيتَنِي،
رعيتني، أحييتني...
أطعمتني، حلاوة ولايتك...
وسقيتني بَرْدَ معرفتك...
فما أعظمَ ما أكرمتني،
وما أجلَّ ما جَلَّلتني من نعمك،
وأسبغت عليَّ مِن كرمك..!

-2-

إلى بابك يُهْرَع الجميع،
على العتبات يجثون،
والجِباهَ يمرغون...
ينادون، يجأرون،
يتضرعون، يتحرّقون...
غيرَك لا يريدون...
فاكشف الستار،
ودع الأنوار،
تخرق الأكوان،
ليشهدوا لَمحاتٍ من جمالك،
وبوارق من حسنك وكمالك..!

-3-

عرفناك... ما عرفناك...
عرفناك موجودًا،
قَوَّامًا للأنفس والأكوان..!
ولكن... أين نحن من كُنهِ ذاتِك..؟!
أنت فوق الظنون والفهوم والأفكار...
احتجبت بالأنوار،
وخفيت عن البصائر والأنظار...
ليس كمثْلك شيء،
وكرسيك وسع السماوات والأرض،
وعظمتك فوق كل تقدير وتخمين...
فما أسعدَ مَنْ شهدك في آثارك،
وعرفك في آياتك..!
والويل للعميان الذين لا يبصرون،
ولا يريدون أن يبصروا..!

-4-

مُدَّعون...
معرفتك يدَّعون...
لكنهم منخدعون...
ما عرَفك أحد حقَّ معرفتك،
ولا عبدك أحد حقَّ عبادتك...
أما الجاهلون، أو المتجاهلون...
ففي النيران يُحرقون...!
كيف لا يعرفون مَنْ في القلب مسكنه،
وفي الروح آياته..؟!
فتِّشوا قلوب العاشقين، تجدوه...
واسلكوا إليه طريق المتضرعين، تعرفوه...
فليهنأ العاشقون بعشقهم،
وليسعد البكَّاؤون إذا ذكر الله وجلت قلوبهم،
ودمعتْ أعينهم..!

-5-

يا جليل،
يا نور الأرواح،
يا سكينة القلب،
ويا طمأنينة الأنفس...
ذكرك شفاء،
والوصول إليك غاية وأمل...
أنت البدء والمنتهى،
والأول والآخر...
إذا ذكرك المهموم شُفي،
أو دعاك البائس أجبت...
فما أعظم ما أسديت، وآتيت،
لمن إليك الْتجأ،
وبك استعان..!

-6-

مثقل الذنْب أنا...
أوزاري عظيمة،
وخطاياي كثيرة،
وطاعتي نُزْرٌ،
وعِبادتي قِلٌّ...
وعن قريب راحل أنا...
فامْدد إليَّ يا رب عونك،
واغفر لي، وتجاوز عنّي...
فإنْ لم تفعل وأنت ربّي،
فَمَنْ غيرك ليفعل،
وليس لي ربٌّ سواك..؟!

المصدر: مجلة "سِزِنْتِي" التركية؛ تعريب: أديب إبراهيم الدباغ.

Pin It
  • تم الإنشاء في
جميع الحقوق محفوظة موقع فتح الله كولن © 2024.
fgulen.com، هو الموقع الرسمي للأستاذ فتح الله كولن.