الفصل الثاني: المعمار وشخصية الأستاذ النهضوي

فهرس المقال

المعمار في الهوية التركية

إن الرقة المجسدة في المآذن العثمانية امتصت جسامة الهيكل الحرمي، ولطّفت كيانه المتكتل، وأشاعت في البنية فخامة من الهارمونيك.

المئذنة تؤدي -في الأصل- وظيفة التسميع والإعلان عن مواعيد العبادة الشرعية، فعلوُّها وظيفي، لكن المئذنة اليوم شخصت في عين الآخر رمز الاعتداء والخرق والمطاولة، من هنا تقوم الدعوة إلى تعديل الأرشتكتور المسجدي في بلاد الغرب، على أمل أن يُستحدَث للمئذنة هوية بتراء، لا ينكسر بعلوها حس الغرور والغطرسة في النفس الأوروبية المتوجسة من الإسلام، لما تضمره هي له من عداء.

مئذنة اليوم في عصر العولمة -الزائفة- شخّصت في عين الآخر الشاهد والدليل على المداهمة. يدخل اليوم الإسلام إلى بلاد الغرب بواسطة الرموز القدسية التي ظلت عقيدة التعصب الديني تناهضها. من ظلال المئذنة تقوم الإشهارية المعاصرة تدعو إلى الإسلام، لذلك تشدّد الصيحات المعادية للإسلام، على ضرورة إدخال تعديل بنيوي في الأرشتكتور المسجدي، وفي صورة المئذنة تحديدًا.

المسجد بأرشتكتوره العثماني (السناني)، ظل يمثل في تركيا الحديثة آخر مظاهر التواصل مع الماضي ومع الأصالة والهوية، وإن تحويل المساجد في تركيا في فترة معينة، ومسجد أياصوفيا الرمز، عن دوره، ليكشف عن مدى التغصص الذي ظل يسببه الأرشتكتور الإسلامي لبعض الأسواط.

كانت المئذنة بامتدادها الشاهق تمثل واجهة للصمود والتحدي، يقرأ فيها الأتراك المسلمون هويتهم المصادَرة، ويستمدون من وقفتها العزاء، ويأملون الثبات من خلال ثباتها وشموخها في المشهد المتداعي الذي تسببت فيه أيديولوجية الردة، وطمّت فيه الكبائر.

سلوك التقوى والتواضع الذي يميز الأتراك يعرب عن معاني الاعتذار، بل يكشف عن مشاعر الاستغفار الجماعي التي تسكن القلوب بنتيجة ما ضاع منهم، من شرف حيازة الراية. الروحية التركية عُرفت بالبسالة. فميزتها بين الأمم هي الحربية والفتوح، وإن الروح التركية لتجد شيئًا من كبريائها متحققًا في أرشتكتور مساجدهم الشماء. إن الانحناءة التي يلقاك بها المسلم التركي هي حفاوة عز، وهي أيضًا سلوك من التواضع المؤصل الذي ترسخ فيهم نتيجة القرون المتوالية التي عاشوها في كنف السيادة وتقلد الصولجان. إنها انحناءة حمد وشكر، بل هي إعلان عن مشاعر القرب والمشاركة الإنسانية الكريمة.. بل إنها انحناءة من صميم العبادة ومن جوهر روح الإسلام التي تصقل في العبد وازع الإذعان للخالق، والإعراب عن ذلك الإذعان الروحي حتى في روابط الفرد مع المخلوقات.

من المآذن ما يُرى وهو في حالة استغراق، سارح في القنوت، ومنها ما يُرى محاورًا للأفق خطيبًا كأنما يستجيش الجيوش، ومنها ما يطرق برأسه، تُطْبِقُ عليه حالةُ خشوع واعتبار، ومنها الجذلى الراقصة، يتملكها الانتشاء، فتتخاصر في حلقة زهو، وتتواثب دوّارة، وتتهادى في حبور.

الرقصة الوجدية التي يديرها أهل الجذب، هي من صميم إلهامات الأرشتكتور الروحي العثماني، (أو العكس؛ إذ الرابطة الهارمونيكية بين المشهدين، رابطة عضوية تجسد وثيق التواصل والتناسب بين المقامين)، وإن الهيئة التي تميز انتصاب الفرقة الدوارة، لتتقمص سمت المآذن، والمآذن نفسها مشهد، هيئة من الرماح المغروزة فوق كثيب الرمل.

في انتصابة المآذن العثمانية إعراب عن الشموخ والسمو والاشْرِئْبَاب الذي للصلاة؛ حيث تعنو الوجوه للحي القيوم.. التراث العشقي صاغته العبقرية التركية في قالب حركي دوار، يحاكي حركة الكون.. إنه تشكيلات أرشتكتورية مفعمة بالدلالات الغيبية، والولاءات القدسية، والمعاني البرزخية، والإيعازات الشعرية.

إن الاصطفاف والاستدارة والتشكل في خطوط نجمية، وفي مضلعات، ومنحنيات، وتموجات، هو جهد تجهيزي، يعمر المكان بالحركة والتناغم. إنه معمار يفصل انسيابية الزمان، وينوّع على صفحتها الخرائط، والتصاميم، والتشكيلات البديعة.

اصطبغ المزاج التركي -وبلا منازع- في مساحة كبرى من خصوصياته، بصبغة الفخامة التي ورثها عن مسيرته الحضارية، ولا بد أن يلمس المتبصر تلك العلاقة التي تجمع بين الحصان والمعمار في الصورة التشبيهية التي ركبتها أدبية كولن.

لقد انخرطت القومية التركية في الإسلام مجاهِدة، فأسهمت فيه بما توطد لها في ماضيها التاريخي من عُدة الفرس، فجاهدت، وضربت في الأرض تعمرها بالإسلام والمدنية، فشادت المسجد وجعلته فخيمًا كفخامة منظومة المعاني التي تمجدها. إذ أورثت معماريةَ المسجد صفاتِها وكبرياءها، فكان هذا البناء الفخيم، الركين، الباسل، الذي لا يلوى له زند.

ورث الأتراك عن العهد الرسالي الأول الجهادية، والجهادية أورثتهم المعمارية وأورثتهم صبغيات المزاج والشمائل والصفات، فمشهد أبي أيوب الأنصاري هو مسجد قبل أن يكون ضريحًا لصحابي استضاء بالنبوءة المحمدية، وبشَّرته بأن يكون فاتحًا لتلك الآفاق، منتميًا لأولئك القبيل، شاهدًا عليهم ومشهودًا من جموعهم.

سيرة التواري التي يعيشها كولن، مسلك ينسجم مع الحبكة الفنية في العمل الزخرفي الأرشتكتوري، فخطوط الرسمة تتولى في مسارها وتغيب وترق قبل أن تستوفي مدارها فتبرز في هيئتها المكتملة.

الهجرة واقعة انسحاب وكمون، تراهن على كسب الظفر، اعتمادًا على ما توفره من طاقة لتحقيق الكَرَّة. إنها غياب يُبيِّت على الرجعة الميمونة، أشبه بأرجوحة، ترتد إليك بمقدار قوة القذف..

إنها محطة بثٍّ، ونقطة ابتداء لمنتهى تنغلق به الدائرة وينفسح الأفق.

تكون الهجرة بالروح وبالتوق وبالحال، إنها الأفق الذي نسعى إلى بلوغه بتجندنا وجدارتنا.

وإذا تأملنا في تسمية كولن لكتابه "التلال الزمردية" نرى أن الصورة تحيل إلى التشكيل الأرشتكتوري الذي ميز أشهر مساجد تركيا، إن هيئة التل تطبعها الاستدارة والتقوس، وإن تكتل القباب وتفاوت أجرامها، وتناسل بعضها من بعض هو ألواح ومشاهد لتلال ورُبى وذرى تشابكت بالأيدي، وتلاحمت بالنحور، وأسفرت عن تركيب من الالتفافات المتشاكلة في خطوطها، المتساندة في انتصابها، كأنها البنيان المرصوص. بين تسمية "الجامع الأزرق" والعنوان "التلال الزمردية"، قرابة ونسب في الدلالة؛ إذ إن الجامع جمع في سَمْتِه ولونه ونُصْبته بعض ما تحيل إليه إيحاءات العنوان. فللجامع قباب امتدت على كاهله في تدرج، وتلونت -في حسّ من ينظر إليها- بلون السماء اللازورد.. ولا ريب أن كولن، وهو يرتجل العنوان، قد استلهم -من جملة ما استلهم- البيئة الروحية، ومرصودها الأرشتكتوري الزاخر، فكانت هذه التسمية التي أوحت بالعذرية والنفاسة والصيانة، إذ موطن التلال الأصل، هو الريف الأخضر، أما موضع الزمرد فالصونُ والمكْنونية.

ولحمة كولن بالجامع لحمة عضوية راسخة، وإنك لَتَتَمَحَّصُ سيرتَه، فإذا المسجد يحتل الموقع الأول في ترتيب معالمها، حتى ليمكنك أن تفترض أن المسجد كان هو البطل الرئيس والشخصية المركزية ضمن شبكة الطواقم والفواعل والعناصر التي شكَّلت ملحمة حياة الداعية، وإن أبرز المنعطفات التي حددت خط سير حياة كولن، كانت دائمًا تحدث وهي موصولة بالمسجد، وإن أقرب ما يمكن استدعاؤه إلى الذهن، واقعةُ تلك البكائية التي اشتهر بها، والتي سجلت تحولاً جذريًّا في حياته.. لقد حصلت تلك الواقعة الانتحابية على المنبر، وتحت سقف المسجد، وشاء لها القدر أن تَذيع وتَشيع؛ إذ هيَّأ لها من سجَّلها، ونقلها بالصورة، فأمكنها بذلك التوفيق الإعلامي أن تطوف في الآفاق، فيشهدها المسلمون من مختلف الديار، وتكون -وستظل- لكثير منهم مادة توجيه وتأثير وحسم في الخيار.

ليس مسلك البكاء بالأمر الغريب على المسلم، وكل متخشع مهيّأٌ -لا محالة- لأن يطفر من عينيه الدمع ما أن يَلمس قلبَه وخزُ موعظةٍ قرآنية أو ترشه منبهة سنية أو مرققة سلفية، بل إن روحية الإسلام لتتميز بهذه السجية النفاذة التي يورثها الدين للمسلم فيغدو بها رهيف المشاعر، مستصفى القلب من الغلظة والجفاء.. وطالما نُعِتَ غيرُ المسلم بالجفاء لعدم تَهيؤ سيكولوجيته للتخشع، ولا ريب أن البعد عن الدين يورث الغلظة المعنوية، يستوي في ذلك المسلم وغيره..

ولا شك أن ارتياد الجموع من المسلمين المساجد يوميًّا يترك أثره عليهم، من حيث طبع الروحية المسلمة بوازع الخشية والاعتبار، ويهيئها للرقة، بحيث يغدو بكاء المسلم عنوانًا على تلك الرقة التي يفترض أن تكون عامة في أهل الخشوع؛ ذلك لأن بيداغوجية المسجد تنشئ -حتمًا- في السيكولوجية وازع الاتعاظ، وإن تفاوتت القابليات. من هنا لا غرابة أن نشاهد في أهل التدين استعدادًا عامًّا للرقة، ولا غرابة والحال هذه، أن نرى أهل النسك يدمعون لأبسط المثيرات وأخف المُحسِّسات، ويكون الدمع بالقلب في أكثر الأحوال.

وإذا كانت نفسية كولن - كما تؤكد سيرته- قد هيّئت للبكاء، بحيث يتملكه النشيج في موقف الوعظ، وتنتابه الشهقة في مقام الصلاة، وتلح عليه العبرات في مواطن أخرى شتى، فلقد شاء له قدره أن يشتهر بواقعة بكائية تخترق الآفاق، تفجرت بها أعماقه وهو على المحراب. لقد كانت حادثة انفعالية عادية، لبثت يعيشها ويعرفه بها أفراد محيطه، لكنها وهي تحصل في ذلك الموقع، في تلك الملابسة، وبذلك التفجر والعلانية، فقد ارتقت إلى مستوى تحولي في مساره، وإلى معْلَمٍ مركزي في حياته، بالنظر إلى ما استتبعها من تجدد في العمل الدعوي، وسداد في الجهد الإحيائي.

لا ريب أن ظلال المكان القدسية قد أسهمت في طبع تلك العبرات الذبيحة بطابع استثنائي نادرًا ما وقف عليه الناس في مسلك الرجال. ومن المؤكد أن الشرط الإعلامي الذي تأتّى للواقعة قد رسخ الصبغة الدرامية، وأعطاها البعد التأثيري الجماهيري، الباهر. فالمسجد قد عبأ ذلك الحدث -العادي- بمشحونات روحية وسيكولوجية أخرجته من طبيعته الاعتيادية، وجعلته يغدو حدثًا فارقًا على صعيد حياة الداعية والدعوة، لقد صنعت تلك الدموع المذروفة تحت أعين المصلين، فتحًا مبينًا، انعطف بالمهمة الإصلاحية إلى مضمار الفاعلية والنجاعة، بعد أن ظلت -في مساحة كبرى منها- حبيسة المشاعر والعواطف والتمنيات. لقد هيّأت الكاميرا للمتلقي مادة احتوائية على صعيد التبليغ والتأثير التوصيلي.. هناك حدث درامي عاشه المصلون؛ إذ واجه الإمام مأموميه فجأة، ومن غير ما توقع، بما هز كيانهم من الأسس.

المسجد في ذلك القاطع التاريخي كان محطة انطلاق نوعي جديد. وكولن قبل البكائية ليس هو كولن بعد البكائية. المسجد ذاته هو الذي بكى. كان كولن مئذنة خامسة يتلوى نحيبها في الآفاق، بل كانت نداءاته وتفجعاته طائفة أخرى من الأقواس المحدبة، والخطوط المنكسرة، والزوايا الساهمة التي انضافت إلى فضاء المسجد، وعمَّقت من فجائعيته.

حين يكون المعمار ركنًا من رؤية روحية، تغدو مفاعيل الفن والابتكار أرجح في ميزان الهوية وتأكيد المماهاة.

وحشة الفضاء وإطباق السكون داخل المسجد، يعكس الوحشة الحضارية التي أطبقت على الأمة، ولم يهيأ المسجد إلا ليكون رحابًا عاجًّا بحركة الدرس والخلق والتجدد..إنه "نادٍ" مفتوح على مختلف الأعمار من الجنسين.

حس الرهان على تعمير المسجد، وتنشيط المنبر، وملء الفراغ الذي عليه الأرجاء، حالة عاشها كولن بصورة متواصلة، لاسيما بعدما آوى إلى الكهف. إن الرحابة والفخامة التي يترامى بها المبنى، جعلها الهجران والعطلة والانحباس الروحي تتكمش وتتقبض وتتشح بالحداد.

منظر التشابك والتآزر والامّحاء الذي عليه السواري والتقويسات، يوجّه الحس إلى قراءة أفكار أبعد من الوضع المخروطي الذي تنتصب عليه، إن الحس الذي يمضي متتبعًا التظفيرات والتعريشات والتضليعات، سرعان ما يرى في علاقة التماسك والتشابك معاني وأحوالاً أبعد وأنفس، وفي الوسع التطلع إليها.

من مطالعة جغرافية القباب والزوايا والقوائم والتجديلات لبث كولن يستقرئ قانون عمران النفوس، ويستكشف نظريات التجييش والخدمة.

من تعاقد الأواصر بين الفقرات والمساحات والأحجام المعمارية يستجلي كولن قاعدة إرساء دعائم التآزر والامّحاء بين الناس.

على منوال ترابط منظومة السواري والأقواس، وتشكل المعمار المنتصب حياله، كان كولن يستشرف الكيفيات التوجيهية السديدة التي تحقّق صرح الخدمة.

للخدمة أرشتكتور، تترجمه الأفعال والمنجزات والتضحية على أرضية الواقع، وتترجمه كذلك هذه الهارمونيك الجذلى التي يجدها الطلائع من أهل البذل، وهم يقودون صفوف المنخرطين، وألوية المستكتبين، وفيالق المساندين.

السليمانية هي عاكف، ويحيى، وسنان، بل هي كولن، بل هي إلياذة آل عثمان والشرق المسلم، كتبت بشعر أرشتكتوري فاق شعر هومير. الأرشتكتور فن مركب يحوز كل ما للشعر من إفصاحات، لكن فنيته تتفوق بإفصاحيتها على الشعر.

الصومعة شموخ يعكس الواحدية، والقبة انحناء في كل اتجاه، يستجمع معاني الحضور، •فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ§(البقرة:115).

في الأرشتكتور أدرك كولن كيف أن الخط قادر على أن يكون بُعدًا في صورة، ولونًا في منشور، وهيئة في اشتباك زخرفي، وكتابة تفصح، وخطابًا يجلّي المطلق. الأرشتكتور جمال يقاوم في صمت، فهو المنجز الذي لا يفنى، والتحدي الذي لا يطاوله مطاول. الأرشتكتور فن يثأر لنفسه عبر تلاحق الجولات، وينتزع النصر، ولا تخزيه العثرات.

المكون الثقافي مثل المكون الطبيعي والتضاريسي والجغرافي يشكّل مزاج الأفراد المنتمين إلى وطن واحد، يظهر ذلك على صورة قواسم نزوعية وذوقية تتجسد في هيئاتهم واستجابتهم وطرق تفكيرهم.. ومن المؤكد أن الأزياء التقليدية عاكس عضوي لكثير من الخصوصيات المزاجية والقيمية للأقوام والمجتمعات.

لا ريب أن بلاد الأناضول التي تترامى على قارتين هي من أجمل بلاد العالم، ومن المؤكد أن التأهيل السياحي الذي تعرفه اليوم حواضر تركيا، يعود إلى هذا الثراء في الحسن والسحر الذي يميزها.

وإذا أردنا أن نتبين هذا التميز الذي يطبعها، فإننا نجده يتجسد في البعد المعماري الأرشتكتوري الذي تحفل به المدن والقصبات التركية، فالثابت أن منظومة النفائس التركية تتشكل من قطاع المساجد العثمانية التي ورثتها تركيا المعاصرة عن عهود الخلافة وعزة سلاطين الإسلام.. وقد شكّل هذا الرصيد الفني التراثي واجهة الإبداع الأبرز في رسم الهوية التركية المعاصرة، وتسويقها إلى العالم.

يشكّل معيار الخراب حكمًا قيمة في ذهن الأستاذ كولن، والخراب ليس مظهرًا انحطاطيًّا يدل على توقف عجلة العمران، وتردي العبقريات فحسب، إنما للخراب في ذهن كولن بُعد استبدادي؛ لأن الشعب الذي يرتهنه الاحتباس الحضاري، ويوطن مواجده على الرثاثة والدمار، هو شعب له قابلية الخنوع والانسياق للاستبداد العسكري، والانقلابات المدمرة للشرف: "البلدان التي تسود فيها الحيلة والسرقة والكذب والافتراء، ينتشر فيها الخراب، وأهالي هذه البلدان فقراء، وجنودها ميالون للانقلابات العسكرية" . ولا شك أن هذه الرؤية يستخلصها كولن من صميم ما عاشته تركيا المعاصرة في كنف الهيمنة اللائكية والتطرف اليميني الملحد. بل إنها حال الأمة قاطبة، وذاك هو ما يعيقها عن الإقلاع.

  • تم الإنشاء في
جميع الحقوق محفوظة موقع فتح الله كولن © 2024.
fgulen.com، هو الموقع الرسمي للأستاذ فتح الله كولن.